وإن كان بلد كبير. . فلا بد أن يؤذن في كل ناحية؛ لينتشر الأذان في جميعهم.
فعلى هذا: إن أجمع أهل بلد على تركه. . قوتلوا. وهذا قول أحمد.
وقال ابن خيران: هو سنة في الصلوات، إلا في صلاة الجمعة، فإنه من فرائض الكفايات فيها؛ لأنها لما اختصت بوجوب الجماعة فيها. . اختصت بوجوب الدعاء إليها.
وقال الأوزاعي: (الأذان ليس بواجب. والإقامة واجبة، فإن تركها، فإن كان الوقت باقيًا. . أعاد الصلاة، وإن خرج الوقت. . لم يعدها) .
وقال أهل الظاهر: (الأذان والإقامة واجبان لكل صلاة) .
فمنهم من قال: هما شرط في صحة الصلاة. ومنهم من قال: ليسا بشرط.
وقال مالك: (هو واجب في مساجد الجماعات) .
دليلنا: ما روي: أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال للمسيء صلاته: «إذا أدركت الصلاة. . فأحسن الوضوء، ثم استقبل القبلة، وكبر» . ولم يأمره بالأذان والإقامة.
فإذا قلنا: إنه سنة، فاتفق أهل بلد على تركه. . فهل يقاتلون على تركه؟
فيه وجهان، حكاهما في " الإبانة " ق \ 59 :
أحدهما: أنهم يقاتلون؛ لأنه من شعائر الإسلام، فلا يجوز تعطيله.
والثاني: لا يقاتلون؛ لأنه سنة، فلا يقاتلون عليه، كسائر السنن.
إذا ثبت هذا: فقال الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ - في " الأم " 1/72 : (فلا أحب ترك الأذان والإقامة في سفر، ولا حضر، ولا منفرد، ولا في جماعة، وأنا له في المساجد العظام أشد استحبابًا، وهو في السفر أخف حالاً منه في الحضر) .
وقال في القديم: (وأما الرجل يصلي وحده في المصر. . فأذان المؤذنين وإقامتهم كافية له) .
قال ابن الصباغ: وظاهر هذا: قولان.