وحكى ابن الصباغ: أن أبا حنيفة قال: (لا تطلق إلا أن يراه هو) .
دليلنا: أن رؤية الهلال المعهود في الشرع هي العلم بالهلال برؤية نفسه أو برؤية غيره؛ بدليل قوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «صوموا لرؤيته، وأفطروا لرؤيته» . ولم يرد به رؤيته بنفسه وإنما أراد علمه به برؤيته أو رؤية غيره، فحمل المطلق على ذلك، كما لو قال لها: إن صليت فأنت طالق.. فإنها تطلق بالصلاة الشرعية، لا بالصلاة اللغوية، وهي الدعاء.
فإن قال: أردت رؤيتي بنفسي.. لم يقبل في الحكم؛ لأن دعواه تخالف الظاهر، ويدين فيما بينه وبين الله تعالى؛ لأنه يحتمل ما يدعيه. هذا نقل البغداديين من أصحابنا.
وقال المسعودي في " الإبانة " : هل يقبل في الحكم؟ فيه وجهان.
وإن غم عليهم الهلال.. قال أبو إسحاق المروزي: إذا عدوا شعبان ثلاثين يوما.. طلقت بمغيب الشمس من آخر يوم منه؛ لأنه بالضرورة يعلم أن بعد ذلك هلال رمضان؛ لأن الشهر لا يكون واحدا وثلاثين يوما.
قال الشيخ أبو حامد: وإن صح عند الحاكم رؤية الهلال ولم يعلم المطلق، فإن كان شهر شعبان ناقصا.. لم يلزمه حكم الطلاق حتى يعلم بالرؤية. وإن كان شعبان تاما.. لزمه الطلاق بغروب الشمس من آخر يوم من شعبان؛ لأن الشهر لا يكون أحدا وثلاثين.
ولعل الشيخ أبا حامد أراد به: أنه لا يلزمه حكم الطلاق إذا كان شعبان ناقصا قبل علمه؛ أي: إذا وطئها قبل علمه أنه لا يأثم، وأما الطلاق: فيحكم به عليه بأول جزء من الليلة التي رأى فيها الهلال، ويلزمه المهر إن وطئ بعد ذلك، سواء علم به أو لم يعلم، كما لو علقه بقدوم زيد، فقدم ولم يعلم بقدومه.