وبه قال أبو حنيفة وأحمد - لأنه منع نفسه من وطئهن بيمين بائنة فكان موليا، كما لو قال: والله لا أقرب كل واحدة منكن.
إذا ثبت هذا: فقد ذكر الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بعد هذا ثلاث مسائل:
إحداهن: قال: (إذا وطئ اثنتين منهن.. خرج من حكم الإيلاء فيهما، وكان موليا من الباقيتين) .
فمن قال من أصحابنا بصحة ما نقله المزني.. قال هذا بناء عليه.
ومنهم من قال: ما نقله المزني متأول، قال: تأويل هذا: أنه إذا وطئ اثنتين منهن.. فقد خرجتا من حصول الحنث فيهما بوطئهما. ومعنى قوله: (كان موليا من الباقيتين) أي: يجوز أن يكون موليا من كل واحدة منهما، بأن يطأ إحداهما فيصير موليا من الأخرى.
الثانية: قال الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: (إذا طلق ثلاثا منهن.. كان موليا من الرابعة) .
فمن قال من أصحابنا بظاهر ما نقله المزني.. قال هذا بناء عليه؛ لأنه مول من كل واحدة منهن، فإذا طلق بعضهن.. أوفاهن حقهن، وكان موليا ممن لم يطلق، كما لو آلى منهن بأيمان.
ومن تأول منهم ما نقله المزني، قال: تأويل هذا: أن المطلقات قد خرجن من حكم الإيلاء بالطلاق، وأما الرابعة: فيجوز أن يكون موليا منها، بأن يتزوج المطلقات فيطأهن، أو يطأهن بشبهة أو زنا، فيحنث بوطء الرابعة، والوطء المحظور كالمباح في الحنث؛ ولهذا قال الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: (لو قال لامرأته: والله لا وطئتك وفلانة الأجنبية.. لم يكن موليا من امرأته حتى يطأ الأجنبية) .
الثالثة: إذا ماتت واحدة من الأربع.. قال الشافعي: (خرج من الإيلاء فيها ومن غيرها؛ لأنه يجامع البواقي ولا يحنث) .