ولأن كل سبب جاز اللعان لأجله بعد انفصال الولد.. جاز اللعان لأجله قبل انفصال الولد، كزوال الفراش.
إذا ثبت هذا: فله أن يؤخر اللعان إلى أن تضع إذا لم يتيقن الحمل؛ لجواز أن يكون ريحا فتنفش، أو غلظا، فكان له التأخير ليلاعن على يقين.
وإن رآها حاملا ولم ينف الحمل، فلما ولدت أراد النفي.. قيل له: قد علمتها حاملا، فلم لم تنفه؟ أكنت قد أقررت بالولد؟
فإن قال: لم أقر به، وإنما لم أنفه؛ لأني لم أتحققها حاملا، بل جوزت أنه ريح أو غلظ.. حلف على ذلك؛ لأنه يحتمل ما يدعيه، وكان له نفيه باللعان.
وإن قال: قد علمتها حاملا لا محالة، ولكني أخرت لعلها تسقطه، أو يموت بعد الولادة، أو تموت هي.. لحقه الولد، ولم يكن له نفيه باللعان؛ لأنه ترك النفي لغير عذر.
وإن كان الولد منفصلا.. فله نفيه. وخيار النفي عندنا على الفور.
وقال أبو حنيفة: (القياس: أن يكون على الفور، غير أنه إن أخر ذلك اليوم أو اليومين
... كان له ذلك استحسانا) .
وقال أبو يوسف، ومحمد: له أن يؤخر ذلك مدة النفاس. وهي أربعون يوما عندهم.
وقال عطاء، ومجاهد: له النفي أبدا، إلا أن يقر به.
دليلنا: أنه خيار لدفع ضرر متحقق، فإذا لم يتأبد.. كان على الفور، كخيار الرد بالعيب.
وقولنا: (لدفع ضرر متحقق) احتراز من الحمل؛ فإن الخيار فيه إلى أن تضع؛ لأنه غير متحقق.
وقولنا: (إذا لم يتأبد) احتراز من الخيار في القصاص.