إنما أذن لها في السفر دون الإقامة، والإقامة في الثلاث ليست بإقامة، وما زاد عليها فإقامة، بدليل: أن المسافر إذا نوى الإقامة ثلاثا.. لم تنقطع رخص السفر، فإن أقام أربعا.. انقطعت رخص السفر. وإن كان سفرها لحاجة أو تجارة.. فقال الشيخ أبو إسحاق، وابن الصباغ: لها أن تقيم إلى أن تقضي حاجتها. وقال الشيخ أبو حامد: لا تقيم أكثر من ثلاثة أيام.
وإن أذن لها في السفر لنزهة أو لزيارة، وأذن لها أن تقيم في البلد الثانية أكثر من ثلاثة أيام.. ففيه قولان:
أحدهما: لا يجوز لها أن تقيم فيه أكثر من ثلاثة أيام؛ لأنه لم يجعل الثانية مسكنا لها، وإنما أذن لها في المقام فيها، وذلك لا يقتضي أكثر من إقامة السفر.
والثاني: يجوز لها أن تقيم فيها المدة التي أذن لها بالإقامة فيها، وهو الأصح؛ لأنه أذن لها فيها، فهو كما لو أمرها بالانتقال إليها.
إذا ثبت هذا: فقضت حاجتها، أو أقامت المدة التي جوزناها لها، فإن كان الطريق مخوفا لا يمكنها أن تعود إلى البلد الأولى، أو لم تجد رفقة تسافر معها.. لم يلزمها العود إلى الأولى، بل تتم عدتها في البلد الثانية، وإذا كان الطريق آمنا، وأمكنها الرجوع إلى الأولى.. نظرت:
فإن علمت أنها متى عادت إلى الأولى.. أمكنها أن تقضي بعض عدتها في البلد الأولى.. لزمها أن تعود إلى البلد الأولى، وتتم عدتها فيها.
وإن كانت تعلم أن عدتها تنقضي قبل أن تبلغ البلد الأولى.. ففيه وجهان:
أحدهما: لا يلزمها العود إليها؛ لأنه لا فائدة فيه.
والثاني: يلزمها العود إليها، وهو الأصح؛ لأنه غير مأذون لها في الإقامة في البلد الثانية، ولأن ذلك أقرب إلى البلد المأذون لها في الإقامة به.
وهذا الحكم فيه إذا أذن لها في السفر.
قال الشيخ أبو حامد: فأما إذا سافر بها، ثم طلقها: فإنه يجب عليها أن تعود إلى بلدها، وتعتد فيه، ولا يجوز لها النفور في السفر؛ لأنه إنما أذن لها في أن تكون معه