وقال أبو حنيفة: (يجب عليها أن تقيم حتى تقضي عدتها وإن خافت فوات الحج) .
دليلنا: أنهما عبادتان استويتا في الوجوب، وتضيق وقت إحداهما، فوجب تقديم السابقة منهما.
وإن طلقها، ثم أحرمت بالحج أو العمرة.. فعليها أن تقيم لقضاء العدة؛ لأن وجوبها أسبق، فإذا انقضت عدتها، فإن كانت قد أحرمت بالعمرة.. فإنها لا تفوت، فتتمها بعد انقضاء العدة، وإن كانت قد أحرمت بالحج، فإن كان الوقت واسعا، بحيث يمكنها أن تمضي وتدركه.. مضت عليه، وإن ضاق الوقت، وفات الحج.. تحللت بعمل عمرة، وقضت الحج من قابل.
قال في " الأم ": (ولو كان أذن لها في الخروج إلى الحج، ثم طلقها قبل أن تحرم.. لم يجز لها أن تحرم، فإن أحرمت.. كان عليها أن تقعد للعدة؛ لأنها وجبت قبل حصول الإحرام، فأشبه إذا لم يأذن) .
مسألة مسكن البدوية كأهلهاقال الشافعي: (وتتبوأ البدوية حيث يتبوأ أهلها) .
وجملة ذلك: أن البدوية إذا طلقت وهي مقيمة في حيها.. فإنها تعتد في بيتها الذي تسكنه؛ لأنه منزل إقامتها، فهو كمنزل الحضرية، فإن انتقل أهل الحي.. ففيه أربع مسائل:
إحداهن: أن ينتقل جميع أهل الحي إلى موضع آخر.. فإنها تنتقل معهم إلى حيث انتقلوا، وتتم عدتها فيه، كما لو كانت مقيمة في قرية، وانتقل أهل القرية إلى قرية أخرى.. فإنها تنتقل معهم.
الثانية: أن ينتقل بعض أهل الحي، وكان أهلها مع المقيمين، وكان فيمن بقي منعة، فإنه لا يجوز لها أن تنتقل عن موضعها؛ لأنه لا ضرر عليها في الإقامة، فهو كما لو انتقل بعض أهل القرية، وفيمن بقي منعة.. فإنه لا يجوز لها أن تنتقل.