حال ينزل فيها اللبن للحمل - وقدره ابن الصباغ بأربعين يومًا، وأما الشيخ أبو حامد: فقال: يرجع فيه إلى معرفة القوابل - فمتى بلغت ذلك الوقت.. فإن كان ذلك اللبن على حالته لم يزد.. فإنه يكون للأول، ومتى أرضعت به طفلًا رضاعًا تامًا.. كان ابنًا للأول دون الثاني. وإن زاد ذلك اللبن، وأرضعت به طفلًا.. ففيه قولان:
الأول : قال في القديم: (هو ابنهما) . وبه قال محمد، وزفر، وأحمد؛ لأن اللبن الذي كان من الأول قد استدام، والظاهر أنه له.
فإن زاد بعد أن حملت للثاني في وقت ينزل اللبن له في العادة.. فالظاهر أن الزيادة لحمل الثاني، فكان المرضع بهذا اللبن ابنهما، كما لو حلبت امرأتان لبنًا في قدح أو في فم صبي.. فإنه يحكم بحصول رضعة من كل واحدة منهما.
و الثاني : قال في الجديد: (هو ابن الأول وحده) . وبه قال أبو حنيفة؛ لأن اللبن للأول بيقين، والزيادة يجوز أن تكون لحمل الثاني، ويجوز أن تكون لفضل الغذاء، فلم يجعل للثاني بالشك.
وإن انقطع لبن الأول، ونزل لها اللبن بعد أن حملت من الثاني في وقت ينزل فيه اللبن للحمل، وأرضعت به طفلًا.. ففيه ثلاثة أقوال:
أحدها: أنه ابن الأول وحده، وهو قول أبي حنيفة؛ لأن اللبن إنما يكون للولد إذا كان يتغذى به، وقبل الوضع لا يتغذى به، وإنما يتغذى به ولد الأول، فكان اللبن له.
والثاني: أنه ابن الثاني وحده، وبه قال أبو يوسف؛ لأن اللبن إنما انقطع، ثم عاد، والظاهر أن المنقطع لبن الأول، وأن الثاني للثاني.
والثالث: أنها ابنهما؛ لأن لكل واحد منهما أمارة تدل أن اللبن له، فجعل بينهما.
وإن وضعت ولد الثاني.. فإن اللبن للثاني بكل حال؛ لأن اللبن تابع للولد، والولد هاهنا للثاني، فكان اللبن له.