التسليم التام، فهو كما لو قال بائع العبد: أسلمه في هذا الموضع دون غيره، أو في هذه القرية دون غيرها.
فإن عقد النكاح ولم تسلم المرأة نفسها، ولا طالب الزوج بها، وسكتا على ذلك حتى مضت على ذلك سنة أو أكثر.. لم تجب لها النفقة؛ لـ: «أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تزوج عائشة وهي ابنة سبع، ودخل بها وهي ابنة تسع» . ولم ينقل عنه: أنه أنفق عليها إلا من حين دخل بها.
وإن عرض الولي الزوجة على الزوج بغير إذنها وهي بالغة عاقلة، فلم يتسلمها الزوج، ومضى على ذلك مدة.. لم يجب على الزوج النفقة؛ لأنه لا ولاية له عليها في المال.
وإن غاب الزوج عن بلد الزوجة.. نظرت:
فإن غاب عنها بعد أن سلمت نفسها إليه تسليمًا تامًا، وامتنع من تسلمها.. فقد وجبت نفقتها بتسليمها نفسها، ولا يسقط ذلك بغيبته.
وإن غاب عنها قبل أن تسلم نفسها إليه، وأرادت تسليم نفسها إليه.. فإنها إذا أتت حاكم بلدها، فقالت: أنا أسلم نفسي إليه، وأخلي بيني وبينه.. فإن حاكم بلدها يكتب إلى حاكم البلد الذي فيه الزوج، ويعرفه ذلك، فإذا وصل الكتاب إلى المكتوب إليه.. استدعى الزوج، وعرفه ذلك، فإن سار إليها وتسلمها، أو وكل من يتسلمها فتسلمها الوكيل.. وجبت عليه نفقتها من حين تسلمها هو أو وكيله.
وإن أمكنه السير، فلم يسر ولا وكيله.. فإنه إذا مضت عليه مدة لو أراد المسير إليها أمكنه ذلك.. فإن الحاكم يفرض لها النفقة من حين مضي مدة السفر إليها؛ لأنه قد كان يمكنه التسليم، فلم يفعل، فإذا لم يفعل.. صار ممتنعًا من تسلمها، فوجبت عليه النفقة.
وإن لم يمكنه المسير لعدم الرفقة أو لخوف الطريق.. لم تجب عليه النفقة حتى يمكنه المسير؛ لأنه غير ممتنع من تسلمها.