مسألة غياب زوجها وهي في مسكنه يوجب لها النفقة : إذا غاب الرجل عن امرأته وهي في مسكنه الذي أسكنها فيه، وانقطع عنها خبره.. فإن اختارت المقام على حالتها.. فالنفقة واجبة على الزوج؛ لأنها مسلمة لنفسها، وإن رفعت الأمر إلى الحاكم، وأمرها بالتربص أربع سنين.. فلها النفقة على زوجها هذه الأربع السنين؛ لأن النفقة إنما تسقط بالنشوز أو بالبينونة، ولم يوجد واحد منهما.
فإن حكم الحاكم بالفرقة بينهما بعد أربع سنين واعتدت أربعة أشهر وعشرًا: فإن قلنا بقوله القديم، وأن الفرقة قد وقعت ظاهرًا وباطنًا، أو ظاهرًا.. فإنها كالمعتدة عن الوفاة، فلا يجب لها النفقة فيها، وهل تجب لها السكنى؟ فيه قولان.
فإن رجع زوجها الأول، فإن قلنا: إن الفرقة وقعت ظاهرًا وباطنًا.. فهي أجنبية منه، ولا يجب لها عليه نفقة ولا سكنى. وإن قلنا: إن الفرقة وقعت في الظاهر دون الباطن.. ردت إليه، ووجبت لها النفقة من حين ردت إليه.
وإن قلنا بقوله الجديد، وأن حكم الحاكم لا ينفذ.. فإنها ما لم تتزوج.. فنفقتها على الأول؛ لأنها محبوسة عليه، وإنما تعتقد هي: أن الفرقة قد وقعت، وهذا الاعتقاد لا يؤثر في سقوط نفقتها.
فإن تزوجت بعد أربعة أشهر وعشر.. سقطت نفقتها عن الأول؛ لأنها كالناشزة عن الأول، فسقطت نفقتها عنه.
وإن دخل الثاني بها، وفرق بينهما.. فعليها أن تعتد عنه، ولا نفقة لها على الأول؛ لأنها معتدة عن الثاني، فإن رجعت إلى منزل الأول بعد انقضاء عدة الثاني، أو قبل أن يدخل بها الثاني.. فهل تستحق النفقة على الأول؟ قال الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - في " المختصر ": (لا نفقة لها في حال الزوجية ولا في حال العدة) . وهذا يقتضي: أن لها النفقة بعد انقضاء العدة.
وقال في " الأم ": (لا نفقة لها في حال الزوجية ولا في حال العدة ولا بعدها) .