دليلنا: أن نفقة القريب تجب فيما فضل عن قوت المنفق في يومه وليلته، والعقار يفضل عن قوت يومه وليلته، فوجب أن يبيعه للإنفاق على القريب، كالأثاث.
ولا يستحق القريب النفقة على قريبه حتى يكون المنفق عليه معسرًا غير قادر على الكسب؛ لصغر، أو جنون، أو زمانة، أو كبر، فإن كان له مال يكفيه.. لم تجب نفقته على قريبه؛ لأن إيجاب نفقة القريب على قريبه مواساة، والغني بماله لا يستحق المواساة.
وإن كان له كسب، وهو قادر على أن يكتسب ما يكفيه.. لم تجب له نفقة على قريبه؛ لأن الكسب في باب الإنفاق يجري مجرى الغنى بالمال.
وإن كان صحيحًا، إلا أنه غير مكتسب، فإن كان من الوالدين.. ففيه قولان:
أحدهما: تجب نفقته على الولد الموسر، وبه قال أبو حنيفة، وأحمد؛ لأنه محتاج إلى الإنفاق، فأشبه الزمن.
والثاني: لا تجب نفقته على الولد؛ لأنه قادر على الاكتساب، فأشبه المكتسب. وإن كان الولد بالغًا صحيحًا محتاجًا غير مكتسب.. ففيه طريقان:
أحدهما : من أصحابنا من قال: فيه قولان، كالوالدين.
و الطريق الثاني : منهم من قال: لا تجب نفقته، قولًا واحدًا؛ لأن حرمة الوالد آكد، فاستحق مع الصحة، والولد أضعف حرمة، فلم يستحق مع الصحة. هذا مذهبنا.
وقال أبو حنيفة: (إذا بلغت الابنة.. لم تسقط نفقتها حتى تتزوج؛ لأنه لا يمكنها الاكتساب، فهي كالصغيرة) .
ودليلنا: أن كل معنى أسقط نفقة الابن.. أسقط نفقة الابنة، كاليسار. وما ذكره.. فلا يصح؛ لأنها يمكنها الغزل والخدمة.