فعلى هذا: إذا صلى عريانا. . . صحت صلاته.
والثاني: حكاه في " الفروع ": أنه يلزمه قبول الهبة، كما يلزمه قبول العارية.
الثالث - وهو قول أبي علي الطبري -: أنه يلزمه قبول هبته، فيصلي به، ثم يرده إن شاء؛ لأن عليه: أن يتسبب إلى ستر عورته، بما أمكنه من ورق الشجر وغيره، وقد أمكنه ذلك، فلزمه. ولأن الهبة تضمنت تمليك العين والمنافع، فإذا لم يلزمه قبول ملك العين لزمه قبول المنافع، فيكون في التقدير: كأنه إعارة.
قال القاضي أبو الطيب: وهذا ليس بصحيح؛ لأن صاحب الثوب ملكه العين، فلا يملك قبول المنافع، وإذا قبل العين وقبضها.. فلا يملك ردها، إلا برضا الواهب.
وإن اجتمع رجل وامرأة عاريان، ومع رجل سترة، تكفي أحدهما. . فالمرأة أولى؛ لأن عورتها أغلظ.
وإن أعار صاحب السترة جميع العراة. . صلوا فيها واحدا بعد واحد، فإن خافوا فوت الوقت. . قال الشافعي: (لزمهم انتظار السترة وإن فات الوقت) . وقال في قوم في سفينة ليس فيها موضع يقوم فيه إلا واحد: (إنهم يصلون من قعود) .
فمن أصحابنا من نقل جواب كل واحدة منها إلى الأخرى، وخرجهما على قولين.
ومنهم من حملهما على ظاهرهما؛ فقال في السترة: يلزمهم الانتظار، وفي القيام: لا يجوز لهم الانتظار؛ لأن السترة لا يجوز تركها مع القدرة عليها بحال؛ والقيام يجوز تركه مع القدرة عليه في صلاة النفل.
فإن امتنع صاحب السترة من الإعارة.. لم يجبر؛ لأن صلاة العريان صحيحة.
والله أعلم وبالله التوفيق.