وحكى أصحابنا الخراسانيون عن ابن سريج قولا ًآخر مخرجاً: أنه يجب؛ لأنه عفا عن القود في الطرف لا في النفس. وهذا ليس بمشهور.
وأما الأرش: فقد عفا عن أرش الإصبع بعد وجوبه، فينظر فيه:
فإن كان ذلك بلفظ الوصية، بأن قال: عفوت عن الجاني عن قود هذه الجناية، وأوصيت له بأرشها.. فقد وجد ذلك منه في مرض موته، فإن قلنا: لا تصح الوصية للقاتل.. لم تصح هذه الوصية، وإن قلنا: تصح الوصية للقاتل.. اعتبر أرش الإصبع من ثلث تركته، فإن خرج من الثلث.. صحت الوصية فيه للقاتل، وإن لم يخرج من الثلث.. لم تصح.
وإن كان بلفظ العفو أو الإبراء، بأن قال: عفوت عن قود هذه الجناية وديتها، أو قال: أبرأته من أرشها.. ففيه قولان:
أحدهما: حكمه حكم الوصية؛ لأنه يعتبر من الثلث.
فعلى هذا: تكون على قولين، كالوصية للقاتل بلفظ الوصية.
والثاني: ليس بوصية؛ لأن الوصية ما تكون بعد الموت، وهذا إسقاط في حال الحياة.
فعلى هذا: يصح الإبراء عن أرش الإصبع، ويجب عليه تسعة أعشار دية النفس؛ لأنه لم يبرأ منها.
وأما إذا قال: عفوت عن هذه الجناية قودها وديتها وما يحدث منها.. فإن القود يسقط في الإصبع والنفس؛ لأن العفو يصح عن القصاص الذي لم يجب، بدليل: أنه لو قال لرجل: اقتلني ولا شيء عليك، فقتله.. لم يجب عليه قصاص؛ لما تقدم ذكره.
وأما الأرش: فإن كان ذلك بلفظ الوصية، بأن قال: أوصيت له بأرش الجناية وأرش ما يحدث منها، فإن قلنا: تصح الوصية للقاتل، وخرج جميع الدية من الثلث.. صحت الوصية، وإن خرج بعضها من الثلث.. صح ما خرج من الثلث، ووجب الباقي. وإن قلنا: لا تصح الوصية للقاتل.. وجب جميع الدية.