قال الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ -: (وسواء غلبتهما دابتاهما أم لم تغلباهما، أو أخطآ ذلك أو تعمدا، أو رجعت دابتاهما القهقرى، فاصطدمتا، أو كان أحدهما راجعاً والآخر مقبلاً) .
وجملة ذلك: أنهما إذا غلبتهما دابتاهما، أو لم تغلباهما إلا أنهما أخطآ.. فعلى عاقلة كل واحد منهما نصف دية الآخر مخففة.
وإن قصد الاصطدام.. فلا يكون عمداً محضاً، إنما يكون عمد خطأ، فيكون على عاقلة كل واحد منهما نصف دية الآخر مغلظة.
وقال أبو إسحاق المروزي: يكون في مال كل واحد منهما نصف دية الآخر مغلظة؛ لأنه عمد محض، وإنما لم يجب القصاص؛ لأنه شارك من فعله غير مضمون.
والأول هو المنصوص؛ لأن الصدمة لا تقتل غالباً، ولو كان كذلك.. لكان في القصاص قولان.
ولا فرق بين أن يكونا مقبلين أو مدبرين، أو أحدهما مقبلاً والآخر مدبراً؛ لأن الاصطدام قد وجد وإن كان فعل المقبل أقوى. وكذلك: لا فرق بين أن يكونا على فرسين أو حمارين أو بغلين، أو أحدهما على فرس والآخر على بغل أو حمار؛ لأن الاصطدام قد وجد منهما وإن كان فعل أحدهما أقوى من فعل الآخر، كما لو جرح رجل رجلاً جراحات، وجرحه الآخر جراحة، ومات منها.
قال الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: (ولا فرق بين أن يكونا بصيرين أو أعميين، أو أحدهما أعمى والآخر بصيراً؛ لأن الاصطدام قد وجد منهما، ولا فرق بين أن يقعا مكبوبين أو مستلقيين، أو أحدهما مكبوباً والآخر مستلقياً) .
وقال المزني: إذا وقع أحدهما مكبوباً على وجهه والآخر مستلقياً على ظهره.. فإن القاتل هو المكبوب على وجهه، فعلى عاقلته جميع دية المستلقي، ولا شيء على عاقلة المستلقي.
والمنصوص هو الأول؛ لأنهما قد اصطدما، ويجوز أن يقع مستلقياً على ظهره من