والثاني: لا ضمان عليهما؛ لأنه لا فعل لهما، ابتداء ولا انتهاء، وإنما ذلك بفعل الريح، فهو كما لو نزلت صاعقة، فأحرقت السفينتين.
واختلف أصحابنا في موضع القولين:
فمنهم من قال: القولان إذا لم يكن للقيم فعل، لا ابتداء ولا انتهاء، وهو في المراكب التي ينصب القيم الشراع، ويمد الحبال، ويقيمه نحو الريح، حتى إذا هبت الريح.. دفعه، فأما السفن الصغار التي تدفع بالمجذاف: فإنه يجب الضمان، قولا واحداً؛ لأن ابتداء الفعل منهما.
ومنهم من قال: القولان إذا لم يكن منهما فعل، بأن كانتا واقفتين، أو لم يسيراهما، فجاءت الريح، فغلبتهما، فأما إذا سيرا، فغلبتهما الريح.. فيجب الضمان، قولاً واحداً. ولم يفرق بين السفن التي تسير بنصب الشراع ومد الحبال، وبين السفن الصغار التي تسير بالمجذاف.
ومنهم من قال: القولان في الجميع، سواء كانتا واقفتين، أو سيراهما، وسواء كانتا تسيران بنصب الشراع أو بالمجذاف؛ لأن الفارس يمكنه ضبط الفرس باللجام، والسفينة لا يمكنه أن يسيرها سيراً لا تغلبه الريح عليها.
فإذا قلنا: يجب عليهما الضمان.. فالحكم فيهما هاهنا كالحكم إذا فرطا، إلا في القصاص، فإنه لا يجب هاهنا، وإنما تجب لركاب السفينة دية مخففة على عاقلتهما نصفان.
وإن قلنا: لا يجب الضمان، فإن كانت السفينتان وما فيهما لهما.. فلا يجب عليهما الضمان. وكذلك: إذا كانت السفينتان معهما وديعة، والمال الذي فيهما قراضاً معهما.. لم يجب عليهما الضمان؛ لأنهما لم يفرطا.
وإن استأجرا السفينتين، والمال الذي فيهما حملاه بأجرة.. فلا ضمان عليهما في