وإن قطع لسان طفل، فإن كان قد تكلم ولو بكلمة واحدة، أو قال: بابا أو ماما، أو تكلم في بكائه بالحروف.. وجبت عليه الدية؛ لأنا قد علمنا أنه لسان ناطق.
وإن كان في حد لا يتلكم مثله بحرف، مثل: أن يكون ابن شهر وما أشبهه ولم يتكلم، فقطع قاطع لسانه.. وجبت فيه الدية.
وقال أبو حنيفة: (لا دية فيه؛ لأنه لسان لا كلام فيه، فهو كلسان الأخرس) .
دليلنا أن ظاهره السلامة، وإنما لم يتكلم لطفوليته، فوجبت فيه الدية، كما تجب الدية بأعضائه وإن لم يظهر بها بطش.
وإن بلغ حدًا يتكلم فيه مثله، فلم يتكلم، فقطع قاطع لسانه.. لم تجب عليه الدية، وإنما تجب فيه الحكومة؛ لأن الظاهر من حاله أنه أخرس.
فرع جنى عليه فذهب ذوقه : وإن جنى عليه، فذهب ذوقه.. قال الشيخ أبو حامد: فلا نص فيه للشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ -، ولكن يجب فيه الدية؛ لأنه أحد الحواس التي تختص بمنفعة، فهو كحاسة السمع والبصر.
وقال القاضي أبو الطيب: قد نص الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ -: (على إيجاب الدية فيه) .
قال ابن الصباغ: قلت أنا: قد نص الشافعي: (على أن لسان الأخرس فيه حكومة وإن كان الذوق يذهب بذهابه) .
واختار الشيخ أبو إسحاق وجوب الدية في الذوق، وقال: إنما تجب في لسان الأخرس الحكومة إذا بقي ذوقه بعد قطع لسانه، فأما إذا لم يبق ذوقه: ففيه الدية.
إذا ثبت هذا: فقال الشيخ أبو إسحاق: إذا لم يحس بالحلاوة والمرارة والحموضة والملوحة والعذوبة.. وجب على الجاني عليه الدية. وإن لم يحس بواحد منها، أو باثنين.. وجب فيه من الدية بقدره. وإن كان يحس بها، إلا أنه لا يحس بها على الكمال.. وجب في ذلك الحكومة دون الدية.