و الثاني : قال عامة أصحابنا: لا يكونان دليلًا على أنوثيته؛ لأنهما قد يكونان للرجل.
فإن قطعهما قاطع، فإن قلنا بقول أبي علي.. وجبت على قاطعه دية ثدي امرأة، وإن قلنا بقول عامة أصحابنا.. فإن قلنا: تجب الدية في ثدي الرجل.. وجبت هاهنا دية ثدي امرأة؛ لأنه اليقين، وإن قلنا: لا تجب الدية في ثدي الرجل. لم تجب هاهنا إلا الحكومة.
وإن ضرب ثدي الخنثى وكان ناهدًا، فاسترسل ولم يجعله دليلًا على أنوثيته. قال القاضي أبو الفتوح: لم تجب على الجاني حكومة؛ لأنه ربما كان رجلًا، ولا جمال له فيهما، ولا يلحقه نقص باسترسالهما، فإن بان امرأة.. وجبت عليه الحكومة.
وإن كان للخنثى لبن، فضرب ضارب ثديه، وانقطع لبنه، فإن قلنا بقول أبي علي.. وجبت عليه الحكومة، وإن قلنا بقول عامة أصحابنا.. بني على الوجهين في لبن الرجل، هل يحكم بطهارته، ويثبت التحريم والحرمة بإرضاعه، ويجوز بيعه، ويضمن بالإتلاف؟
فإن قلنا: تثبت هذه الأحكام.. وجبت هاهنا فيه الحكومة.
وإن قلنا: لا تثبت هذه الأحكام.. لم تجب هاهنا الحكومة، ولكن يعزر به الجاني إذا كان عامدًا؛ للتعدي.
مسألة في الشفرين دية : قال الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: (وفي إسكتيها - وهما: شفراها جانبا فرجها - إذا أوعبتا.. ديتها) .
وجملة ذلك: أن (الإسكتين) - وهما: اللحمان المحيطان بالفرج كإحاطة الشفتين بالفم، ولم يفصل الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بين الإسكتين والشفرين، وأهل اللغة يقولون: الشفران حاشية الإسكتين، كما أن أشفار العينين أهدابهما - فإذا