وإن اختلفا في مضي مدة تندمل في مثلها الجراحات.. فالقول قول الجاني مع يمينه؛ لأن الأصل عدم مضيها. وإن كان بينهما زمان لا تندمل في مثله الجراحات، وادعى الولي: أنه مات بسبب آخر، بأن قال: ذبح نفسه أو ذبحه آخر، وقال الجاني: بل مات من سراية الجناية.. ففيه وجهان:
أحدهما - وهو قول أبي إسحاق المروزي -: أن القول قول الجاني مع يمينه؛ لأن الأصل بقاء الجناية وحصول الموت منها.
والثاني - وهو قول أبي علي الطبري -: أن القول قول الولي مع يمينه؛ لأن الأصل بقاء الديتين.
وإن قطع يده، ثم مات، فقال الولي: مات من سراية الجناية، فعليك الدية، وقال الجاني: بل اندملت الجناية، ثم مات بسبب آخر، فلا يلزمني إلا نصف الدية، فإن لم يمض من الزمان ما تندمل في مثله الجراحات.. فالقول قول الولي؛ لأن الظاهر أنه مات من سراية الجناية، وهل يحلف على ذلك؟ يحتمل وجهين:
أحدهما: يحلف؛ لجواز أن يكون قتله آخر، أو شرب سمًا، فمات منه.
والثاني: لا يحلف، كما قال ابن الصباغ في التي قبلها؛ لأنا قد علمنا كذب الجاني، ولأنه لم يدع الموت في ذلك، وإنما ادعى الاندمال.
وإن كان قد مضى من الزمان ما تندمل في مثله الجراحات، فإن كان مع الولي بينة: أنه لم يزل ضمنًا من حين الجناية إلى الموت.. فالقول قول الولي مع يمينه؛ لأن الظاهر أنه مات بذلك، وإن لم يكن معه بينة على ذلك.. فالقول قول الجاني، وهل يلزمه اليمين؟ يحتمل الوجهين في التي قبلها.
وإن مضى زمان يمكن أن تندمل في مثله الجراحات ويمكن أن لا تندمل.. فالقول قول الجاني مع يمينه؛ لأن الأصل براءة ذمته مما زاد على نصف الدية.
وإن قطع يده، ومات في زمان لا تندمل فيه الجراحة، فقال الولي: مات من سراية الجناية، فعليك الدية، وقال الجاني: بل شرب سمًا، فمات منه، أو قتله آخر.. ففيه وجهان، كالتي قبلها.