كانت الجارية كافرة.. سلمت إلى الدليل، سواء كان مسلمًا أو كافرًا، ولا يستحق أهل الخمس ولا الغانمون منها شيئًا؛ لأن الدليل استحقها بسبب سابق، وسواء كانت حرة أو أمة للمشركين. وإن أسلمت الجارية الحرة قبل أسرها.. لم تسلم إلى الدليل سواء كان مسلمًا أو كافرًا؛ لأن إسلامها قبل أسرها يمنع من استرقاقها.
قال أبُو العباس: وفيها قول آخر: أنها تسلم إلى الدليل؛ لأنه قد استحقها قبل إسلامها. وليس بشيء.
فإذا قلنا: لا تسلم إليه. فهل يستحق الدليل شيئًا؟ فيه وجهان:
أحدهما: لا يستحق شيئًا؛ لأنها صارت كالمعدومة.
والثاني ـ وهو قول أصحابنا البغداديين، وهو الأصح ـ: أنه يستحق قيمتها؛ لأن الشَّرع لما منع استرقاقها لإسلامها.. أوجب دفع قيمتها، كما: (أن النَّبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لما صالح أهل مكة على أن يرد إليهم من جاءه من المسلمات ومنعه الله تَعالَى من ردهن.. أمره برد مهورهن إليهم) .
وإن أسلمت بعد ما أسرت، فإن كان الدليل مسلما ً.. سلمت إليه. وإن كان كافرًا.
فإن قلنا: يصح شراء الكافر للجارية المسلمة.. سلمت إليه، وأجبر على إزالة ملكه عنها.
وإن قلنا: لا يصح شراؤه لها.. لم تسلم إليه، وسَلَّم إليه قيمتها، وقسمت بين الغانمين.
فإن فتحت عنوة، وكانت الجارية قد ماتت.. ففيه قولان:
أحدهما: أن للدليل قيمتها؛ لأن تسليمها قد تعذر بموتها، فوجبت له قيمتها كما لو أسلمت.