وإن أنفذ الأمير سريتين إلى جهتين.. فإن الجيش يشاركهما فيما يغنمان، ويشاركانه فيما يغنم، وهل تشارك كل واحدة منهما الأخرى؟ فيه وجهان:
أحدهما: لا يتشاركان؛ لأن إحداهما ليست بأصل للأخرى.
والثاني: يتشاركان، وهو المذهب؛ لأنهما من جيش واحد.
وإن أنفذ الأمير سرية وهو مقيم في البلد، فغنمت السرية.. لم يشاركها الجيش الذي مع الإمام؛ لـ: (أن النَّبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان يبعث السرايا من المدينة ويقيم هو بها، فلا يشارك بينهم) .
وإن بعث سريتين من البلد إلى جهتين مختلفتين، وأقام هو مع الجيش في البلد.. فإن كل واحدة من السريتين لا تشارك الأخرى فيما تغنمه إلا أن يلتقيا في طريق فيجتمعا على جهة واحدة.. فإنهما يصيران جيشًا واحدًا.
وإن بعث الأمير سرية من الجيش من البلد، وعزم على المسير وراءها مع الجيش، فغنمت السرية قبل خروج الإمام من البلد.. فلا يشاركها الجيش؛ لأن الغنيمة إنما يستحقها المجاهد، والجيش قبل خروجه من البلد غير مجاهد.
هذا نقل أصحابنا البغداديين، وقال الخراسانيون: إذا بعث الإمام سرية أو سرايا إلى قلاع، فغنم بعضهم.. شاركهم سائر السرايا والإمام في الغنيمة إن كانوا متقاربين، بحيث يصلح بعضهم أن يكون عونًا لبعض. وإن كانوا متباعدين، بحيث لا يوجد منهم التناصر إن احتيج إلى ذلك.. لم تشارك السرية التي لم تغنم السرية التي غنمت.
وقال القفال: يشاركهم الإمام ومن لم يغنم إذا كانوا كلهم في دار الحرب، فأما إذا كان الإمام في دار الإسلام وبعث سرية إلى دار الحرب فغنمت.. فالإمام لا يشاركهم.
قال المسعوديُّ في " الإبانة " : وليس بشيء، بل الاعتبار بالتقارب والتباعد.