إذا ثبت هذا: فكل موضع قلنا: (يجوز فيه إقامة الحد) فأقامه الإمام فمات المحدود.. لم يجب ضمانه؛ لأن الحق قتله.
وكل موضع قلنا: (لا يجوز إقامة الحد فيه) فأقامه الإمام فيه، فإن كانت المرأة حاملا ثم تلف حملها.. وجب على الإمام ضمانه؛ لأنه متعد بذلك. فإن لم يعلم الإمام بكونها حاملا.. فهل يجب ضمانه في ماله أو في بيت المال؟ فيه قولان مَضَى توجيههما. وإن علم الإمام بكونها حاملا.. ففيه طريقان:
أحدهما : من أصحابنا من قال: يجب ضمانه في ماله قولا واحدا؛ لأن بيت المال إنما يحمل خطأ الإمام، وهذا عمد إليه.
و الثاني : منهم من قال: فيه قولان، وهو الأصح؛ لأن إتلاف الجنين لا يتأتى فيه العمد المحض، وإنما يتلف بعمد الخطأ.
وإن تلف المحدود.. فقد نص الشافعيُّ، - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - على: (أن الإمام إذا أقام الحد على رجل في شدة حر أو برد، فمات المحدود.. أنه لا يجب ضمانه) .
ونص الشافعيُّ، - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - على: (أنه إذا أمر الخاتن، فختنه في شدة حر أو برد، فمات المختون.. وجب ضمانه) .
فمن أصحابنا من نقل جواب كل واحدة منهما إلى الأخرى وخرجهما على قولين:
أحدهما: لا يجب عليه ضمانه؛ لأنه تلف بما هو مستحق عليه.
والثاني: يجب عليه ضمانه؛ لأنه تعدى بذلك.
ومنهم من قال لا يجب عليه ضمان المحدود؛ لأن الحد منصوص عليه، ويجب عليه ضمان المختون؛ لأن الختان مجتهد فيه. فإذا قلنا: يجب الضمان.. فكم يجب؟ فيه وجهان:
أحدهما: يجب جميع الدية؛ لأنه مفرط.
والثاني: لا يجب عليه نصف الدية؛ لأنه مات من واجب ومحظور.
وفي محل الوجوب قولان: