ويصح بلفظ الإنكاح والتزويج، ولا يصح بالكناية عنهما وهو ما يؤدي معناهما.
وإن لم ينوِ به القذف.. فإنه لا يكون قذفاً، سواء قال: ذلك في حال الرضا أو في حال الغضب والخصومة. وبه قال الثوريُّ وأبو حَنِيفَة وأصحابه.
وقال مالك وأحمد وإسحاق: (إن قال: ذلك في حال الرضا.. لم يكن قذفاً من غير نية، وإن قال: ذلك في حال الغضب والخصومة.. كان قذفاً من غير نية) .
دليلنا: ما رُوِيَ: «أن رجلاً قال: يا رسول الله، إن امرأتي لا ترد يد لامس؟ فقال له النَّبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - "طلقها" قال: أنِّي أحبها. فقال: "أمسكها» . فعرض الرجل بقذف امرأته بالزِّنَى، ولم يجعله النَّبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قاذفاً بالتعريض.
ورُوِي: «أن رجلاً قال: يا رسول الله، إن امرأتي أتت بولد أسود ونحن أبيضان؟ فقال النَّبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "هل لك من إبل؟ " قال: نعم، قال: "وما ألوانها؟ " قال: حمر، قال"هل فيها من أورق؟ " قال: نعم، إن فيها لورقاً، قال: "فأنى ترى ذلك؟ " فقال لعل عرقاً نزعها. فقال النَّبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "وهذا لعل عرقاً نزعه» فعرض الرجل بقذف امرأته بالزِّنَى، ولم يجعله النَّبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قاذفاً لها بظاهر التعريض".
ولأن التعريض بالقذف لا يكون قذفاً، كما أن التعريض بالسب لا يكون سباً، بدليل ما رُوِيَ: أن المشركين كانوا يعرضون بسب النَّبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فيقولون:
مذمما عصينا
... وأمره أبينا
فكنوا عن محمد - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بـ: (مذمم) فقال النَّبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أما ترون كيف عصمني الله منهم؟ وإنهم ليسبون مذمماً وإنما أنا محمد»