وروي: «أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال في النساء: " أخروهن من حيث أخرهن الله» ، والمرأة إذا وليت القضاء.. كانت مقدمة والرجال مؤخرين عنها، فلم يجز.
ولأن حال القضاء آكد من حال الإمامة في الصلاة، فإذا لم يجز أن تكون المرأة إمامة للرجال.. فلأن لا يجوز أن تكون قاضية أولى. ولا يجوز أن يكون الخنثى المشكل قاضيا؛ لجواز أن يكون امرأة.
وأما (الكمال في الخلق) : فلا يجوز أن يكون القاضي أعمى، ولا أصم، ولا أخرس؛ لأن فقد هذه الحواس يمنع من استيفاء الحكم بين الخصمين.
وحكى الشيخ أبو إسحاق في الأخرس وجها آخر: أنه يصح أن يكون قاضيا إذا فهمت إشارته. والمشهور هو الأول.
وهل يصح أن يكون القاضي أميا لا يكتب؟ فيه وجهان:
أحدهما: يجوز؛ لأنه من أهل الاجتهاد والعدالة، وفقد الكتابة لا يؤثر فيه، كما أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان لا يكتب وهو إمام الأئمة وحاكم الحكام.
والثاني: لا يجوز؛ لأنه يحتاج أن تقرأ عليه المحاضر والسجلات، ويقف على ما يكتب كاتبه، فإذا لم يكن كاتبا.. ربما غير القارئ والكاتب. ويفارق النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؛ فإن كونه لا يكتب من معجزاته - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، ولأن أصحابه كانوا عدولا تؤمن منهم الخيانة في الكتاب له، ولو خان أحد منهم في ذلك.. أعلمه الله به.
ويستحب أن يكون القاضي مع هذه الشرائط حليما، ذا فطنة وتيقظ، عالما بلغات أهل قضائه، جامعا للعفاف، بعيدا عن الطمع، لينا في الكلام، ذا سكينة ووقار؛ لما روي: (أن عليا - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ولى أبا الأسود القضاء ساعة ثم عزله، فقال له: لم