آخر: أنه أوصى إليه بذلك ولم يقم بينة على ذلك.. فهو كما لو ادعى: أنه أوصى إليه بالنظر في أولاده الصغار، ولم يقم بينة على ذلك على ما مضى.
وإن ادعى فاسق: أن رجلا أوصى إليه بدفع شيء من ماله إلى قوم، فدفعه إليهم، وأقام بينة على ذلك.. نظرت: فإن كانت الوصية لقوم معينين وقد وصل إليهم ما وصى لهم به وهم من أهل القبض.. صح الدفع إليهم، ولا ضمان عليه؛ لأن المقصود وصول ذلك إليهم وقد وصل. وكذلك لو أخذهم الموصى لهم بأنفسهم.. صح قبضهم.
وإن كانت الوصية لغير معينين؛ مثل: أن أوصى للفقراء والمساكين، فأوصل إليهم.. ففيه وجهان، حكاهما الشيخ أبو إسحاق:
أحدهما: لا يلزمه الضمان؛ لأنه دفع المال إلى مستحقه، فأشبه إذا كانت الوصية لمعينين.
والثاني - وهو المشهور -: أنه يلزمه الضمان؛ لأن التفرقة على هؤلاء تفتقر إلى الاجتهاد، والفاسق ليس من أهل الاجتهاد، فإذا فرق.. لزمه الضمان.
قال ابن الصباغ: وإن أقام رجل البينة أن فلانا أوصى بثلث ماله ولم يوص إليه، لكنه فرقه خوفا عليه، فإن كانت الوصية لمعينين.. فلا ضمان عليه، وإن كان لغير معينين.. ففيه وجهان، ودليلهما ما مضى.
فإذا فرغ القاضي من النظر في أحوال الأوصياء.. نظر في أمر الأمناء -والأمين: من نصبه الحاكم لينظر أمر الأطفال والمجانين والسفهاء ويعرفه بيت المال - فمن كان منهم من أهل الولاية والنظر.. أقره، ومن علم فسقه.. عزله وأقام غيره مقامه، وإن عرف ضعفه مع عدالته.. ضم إليه غيره.
فإذا فرغ من النظر في ذلك.. نظر في اللقطة والضالة، فمن كانت عنده.. أمره بتعريفها إن اختار تملكها، وإن لم يختر تملكها.. أمر أمينا بقبضها وحفظها على صاحبها، فما خاف عليه التلف.. باعها وحفظ ثمنها، وما لا يخاف عليه التلف.. حفظه على صاحبه.