أحدهما: تقدم البينة التي شهدت أنه مات في رمضان فيعتق سالم؛ لجواز أن يكون مات في رمضان وخفي موته فلم يظهر إلا في شوال، فشهدت بينة غانم بموته في شوال عند ظهوره، فبينة سالم معها زيادة علم فقدمت.
والثاني: أنهما متعارضتان؛ لأنه لا يجوز أن يموت في رمضان وشوال.
قال الشيخ أبو إسحاق: فعلى هذا: يرق العبدان.
قلت: وينبغي أن يقال هاهنا كما قال ابن الصباغ في التي قبلها: إن هذا على القول الجديد: (إن البينتين إذا تعارضتا.. سقطتا) .
فأما إذا قلنا بالقول القديم: (تستعملان) فإنه وجب أن يكون هاهنا في الاستعمال ثلاثة أقوال. قال في " الأم ": (وإن قال لعبده سالم: إن مت من مرضي هذا فأنت حر، وقال لعبده غانم: إن برأت من مرضي هذا فأنت حر، ثم مات وأقام سالم بينة أنه مات من مرضه ذلك، وأقام غانم بينة أنه برأ من مرضه ذلك ومات من غيره.. فهما متعارضتان قولا واحدا؛ لأن كل واحدة منهما تكذب الأخرى) .
قال الشيخ أبو إسحاق: فيرق العبدان.
قلت: وينبغي أن يقال هاهنا ما قاله ابن الصباغ في الأولى: إن هذا على القول الجديد، فأما على القول القديم: فيأتي فيه الأقوال الثلاثة في الاستعمال. هذا نقل أصحابنا العراقيين، وقال المسعودي في " الإبانة " : إذا قامت بينة أنه مات من مرضه، وبينة ببرئه من مرضه.. ففيه قولان:
أحدهما: أنهما متعارضتان.
والثاني: أنه يحكم بالبينة التي شهدت بموته من مرضه ذلك.
وإن قال رجل لعبده: إن لم أحج هذا العام فأنت حر، فأقام السيد بينة أنه وقف على عرفات تلك السنة، وأقام العبد بينة أن السيد كان يوم النحر في بغداد.. فإنه