فإن قلنا هناك: لا تغلظ عليه بالعدد.. فهاهنا أولى، وإن قلنا: تغلظ هناك عليه بالعدد.. فهاهنا قولان:
أحدهما: لا تغلظ عليه؛ لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لكن اليمين على المدعى عليه» . و (اليمين) : اسم للواحدة. ولأن التغليظ لحرمة النفس، وهذا لا يوجد فيما دون النفس.
والثاني: تغلظ عليه بالعدد؛ لأنه تغليظ لا يتعلق بالنفس، فتعلق بما دون النفس، كتغليظ الدية.
فإن قلنا: لا تغلظ بالعدد، فإن كان المدعى عليه واحدا.. حلف يمينا واحدة، وإن كانوا جماعة.. حلف كل واحد منهم يمينا واحدة.
فإن رد المدعى عليه اليمين على المدعي، فإن كان واحدا.. حلف يمينا واحدة، وإن كانوا جماعة.. حلف كل واحد منهم يمينا.
وإن قلنا: تغلظ بالعدد، فإن كان أرش الجناية دية كاملة أو أكثر.. حلف المدعى عليه خمسين يمينا. وإن كان الأرش أقل من دية النفس.. ففيه قولان:
أحدهما: يحلف خمسين يمينا؛ لأن التغليظ لحرمة الدم، وهذا المعنى موجود فيما قل أرشه أو كثر.
والثاني: تقسم الخمسون على الدية، فيحلف من الخمسين بقدر ما يدعى عليه من دية النفس. وإن كان في الأيمان كسر.. دخله الجبر؛ لأن ديته دون دية النفس، فلا يجب عليه أن يحلف عليه ما يحلف على النفس.
فعلى هذا: إن كان المدعى عليه واحدا.. حلف القدر المغلظ عليه، إما خمسين يمينا في أحد القولين، أو بقسط الأرش من الخمسين في الآخر.
وإن كان المدعى عليه جماعة.. فهل يحلف كل واحد منهم ما يحلفه الواحد إذا كان مدعى عليه، أو تقسم الأيمان التي كان يحلفها الواحد على عدد رؤوسهم ويجبر الكسر؟ فيه قولان مضى ذكرهما.