أحدها: لا يجب عليهما الضمان - وبه قال أبو حنيفة - لأن شهود الزنى شهدوا بفعله، وشاهدي الإحصان إنما يشهدان بصفته، وإنما قتل بفعله لا بصفته.
والثاني: يجب عليهما الضمان؛ لأنه إنما قتل بالزنى والإحصان؛ بدليل: أنه لو انفرد أحدهما عن الآخر.. لم يقتل.
والثالث: ينظر في شاهدي الإحصان: فإن شهدا بإحصانه قبل قيام البينة عليه بالزنى.. لم يجب عليهما الضمان؛ لأنهما إنما أثبتا صفته. وإن شهدا بعد قيام البينة عليه بالزنى.. وجب عليهما الضمان؛ لأنهما إنما شهدا عليه ليقتل.
فإذا قلنا: يجب الضمان على شاهدي الإحصان. فكم يجب عليهما؟ فيه وجهان:
أحدهما: يجب عليهما نصف الدية، على كل واحد منهما ربع الدية، ويجب على شهود الزنى نصفها على كل واحد منهم ثمنها؛ لأنه قتل بنوعين من البينة.
والثاني: يجب على شاهدي الإحصان ثلث الدية، وعلى شهود الزنى ثلثاها؛ لأنه قتل بشهادة ستة، فكان على كل واحد منهم سدس الدية.
وقال أبو ثور: (لا يجب على شهود الزنى هاهنا شيء من الدية، ويجب جميع الدية على شاهدي الإحصان) .
وهذا خطأ؛ لأنه قتل بشهادة الجميع.. فكان ضمانه على الجميع.
وإن شهد أربعة رجال على رجل بالزنى، وشهد اثنان منهم أنه محصن.. قبلت شهادتهما؛ لأنهما لا يجران بذلك إلى أنفسهما نفعا. فإن رجم ثم رجعوا كلهم عن الشهادة.
فإن قلنا: لا يجب الضمان على شاهدي الإحصان في التي قبلها.. فهاهنا أولى.
وإن قلنا: يجب الضمان على شاهدي الإحصان في التي قبلها.. فهاهنا وجهان:
أحدهما: لا يجب عليهما الضمان؛ لأن الشاهدين اللذين شهدا بالزنا لا غير، وجد من كل واحد منهما جناية، وهو شهادته بالزنى، وود من اللذين شهدا بالإحصان والزنى جنايتان، فإذا تلف المشهود عليه بجنايتهم.. قسم الضمان عليهم على عدد رؤوسهم لا على عدد جناياتهم، كما لو جرح رجل رجلا جراحة وجرحه آخر جراحتين ومات.