بعتقه، ثم رجعا عن الشهادة.. وجب عليهما قيمة العبد؛ لأنهما أتلفا عليه رقبة العبد، فوجب عليهما قيمته، كما لو قتلاه. وسواء قالا: تعمدنا الشهادة أو أخطأنا؛ لأن المال يضمن بالعمد والخطأ.
وإن شهد عليه: أنه كاتب عبده، فحكم الحاكم بالكتابة، ثم رجعا عن الشهادة.. ففيه وجهان - حكاهما الصباغ -:
أحدهما: يرجع عليهما بما بين قيمته وعوض الكتابة؛ لأن مال الكتابة قد رجع إليه.
والثاني: يرجع عليهما بجميع قيمته؛ لأن مال الكتابة الذي أداه إنما هو كسبه والسيد يملكه.
قال ابن الصباغ: وهذا ينبغي أن يكون إذا أدى وعتق، فأما قبل ذلك.. فلا يضمن.
وإن شهدا لأمة باستيلاد سيدها لها، ثم رجعا، فإذا مات السيد.. عتقت ورجع ورثة سيدها عليهما بقيمتها.
قال ابن الحداد: وإن شهد شاهدان على رجل: أنه أعتق عبده على ضمان مائة درهم، وقيمة العبد مائتا درهم، فضمن العبد المائة، وحكم الحاكم بعتق العبد، ثم رجعا عن شهادتهما.. فإن الحاكم لا ينقض حكمه، ويرجع السيد عليهما بتمام القيمة وهي مائة درهم؛ لأن الشاهدين قد أقرا برجوعهما أنهما أتلفا عليه نصف العبد وهو ما يقابل المائة الثانية من قيمته، فلزمهما ضمان ذلك.
وإن شهد ثلاثة على رجل: أنه أعتق عبده، فحكم الحاكم بعتقه، ثم رجع واحد منهم.. لم يرجع عليه بشيء على قول ابن الحداد والقاضي أبي حامد، وعلى ما حكاه المزني في ((المنثور)) وقول أبي إسحاق المروزي.. يرجع عليه بثلث القيمة. وإن رجعوا كلهم.. رجع عليهم بقيمة العبد، على كل واحد ثلث قيمته بلا خلاف على المذهب.