وقال الليث بن سعد: (لا يقبل فيه أقل من اثنين وسبعين درهما؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ} التوبة: 25 التوبة: 25 وكانت غزواته وسراياه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اثنتين وسبعين) .
دليلنا: أن ما من قدر من المال إلا وهو عظيم وكثير بالإضافة إلى ما هو دونه فقبل تفسيره فيه كالذي سلمه كل واحد منهم، وما احتج به الليث.. فلا حجة فيه؛ لأن ذلك ليس بحد لأقل الكثير، ولا يمتنع وقوع الكثير على أقل من ذلك.
فرع أقر بأن عليه أكثر من مال فلانوإن قال: له علي أكثر من مال فلان، أو أكثر من المال الذي في يد فلان.. رجع في تفسيره إليه، فإذا فسره بأي قدر من المال.. قبل منه، سواء فسره بمثل مال فلان أو بأقل منه، وسواء علم مبلغ مال فلان أو لم يعلم؛ لأنه يحتمل أن قوله: (أكثر) أي: أكثر من مال فلان نفعا؛ لكونه حالا أو لكونه في الذمة.
وإن قال: له علي أكثر من مال فلان عددا، أو علي له مال عدده أكثر من عدد مال فلان، فإن أقر أنه يعرف قدر مال فلان.. لزمه قدر مال فلان، ورجع في الزيادة إليه، فبأي قدر فسر الزيادة من المال.. قبل منه؛ لأنه يحتمل ما قاله.
وإن قال: لا أعلم قدر مال فلان إلا كذا.. لزمه قدر ما أقر أنه يعرف أنه مال فلان، ورجع في الزيادة عليه إليه.
وإن قال: لا أعلم قدر مال فلان، وحلف أنه لا يعلم قدر مال فلان.. قبل تفسيره وإن كان بأقل من مال فلان؛ لأنه إذا لم يعلم قدر مال فلان.. فقد أقر بمجهول فرجع في تفسيره إليه.
قال الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ - في " الأم ": (فإن أقام المقر له بينة أن المقر يعرف قدر مال فلان وهو كذا.. لم أحكم بهذه البينة، بل لا يلزمه إلا ما أقر به؛ لأنه يجوز أن يكون قد عرف قدر مال فلان، ثم اعتقد بعد ذلك أنه قد ذهب بعضه ولا يدري كم ذلك