قال المزني: ينبغي أن يكون للمشتري أن يأخذ من مال المعتق أقل الأمرين: من ثمنه أو المال؛ لأنه إن كان صادقا.. فالثمن له دين على البائع، وما ترك المعتق.. فهو للبائع، فكان للمشتري أخذ ما دفع من الثمن من مال البائع، كمن له على رجل حق وامتنع من دفعه ووجد من له الحق مالا له. وإن كان المشتري كاذبا في الشهادة.. فقد عتق عليه، فكان له أخذ ماله.
فمن أصحابنا من غلط المزني وقال: ليس للمشتري ذلك؛ لأنه يقول: إن كنت صادقا في شهادتي.. فقد خلصته من الرق وتطوعت بدفع الثمن فلا أرجع به. وإن كنت كاذبا في الشهادة.. فلا حق لي على البائع.
ومن أصحابنا من قال: بل ما قاله المزني هو الصحيح، وقد نص عليه الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ - في (الإقرار) بالحكم الظاهر كما ذكره المزني، ودفعه للثمن على وجه القربة لا يسقط رجوعه عنه. ألا ترى أن مسلما لو افتدى مسلما من أيدي المشركين بمال، ثم غلب المسلمون المشركين ووجد ماله.. فإن له أخذه ويختص به من بين سائر المسلمين؟
فإن كانت بحالها فمات البائع وخلف ابنا، ثم مات المعتق.. فالذي يقتضي المذهب: أن ابن البائع إذا أقر أن أباه كان قد أعتق العبد في حياته.. أن له أن يأخذ مال المعتق ويرد إلى المشتري ما دفع من الثمن إن وجده بعينه أو بدله إن ترك أبوه معه تركة، وإن لم يترك أبوه معه تركة.. لم يلزمه أن يغرم.
وإن لم يقر ابن البائع بأن أباه أعتقه في حياته، لكن أقر المشتري أنه كذب في الشهادة بالعتق.. فإن له أخذ مال المعتق بالولاء.
وإن لم يقر ابن البائع بالعتق، ولا رجع المشتري عن الشهادة.. فليس للمشتري أن يأخذ من مال المعتق شيئا؛ لأنه يقر أنه مال لابن البائع، ولا يستحق عليه شيئا، وإنما يدعي بالثمن على أبيه.
وإن مات المشتري وخلف ابنا.. فالذي يقتضي المذهب: أنه إذا أقر أن أباه كذب