ذلك قبل الركوع عند مالك، وقبل القراءة عند أحمد.
إذا ثبت هذا: نظرت: فإن سجد في الأولى السجدة الأولى، وترك الجلوس بين السجدتين، والسجدة الثانية، فذكر ذلك، وهو قائم في الثانية. . فإنه يلزمه أن يجلس، ثم يسجد.
ومن أصحابنا من قال: لا يلزمه الجلوس؛ لأن الجلوس يراد للفصل بين السجدتين، وقد قام القيام مقام الجلوس في الفصل. والمذهب الأوَّل؛ لأن الجلوس بين السجدتين فرضٌ، فلا يقوم القيام مقامه، كما لو قصد إلى القيام بين السجدتين للفصل.
وإن كان قد جلس بعد السجدة الأولى للفصل، ثم قام، ولم يسجد الثانية، فمن قال من أصحابنا: لا يلزمه الجلوس في الأولى. . فها هنا أولى ألا يلزمه، ومن قال في الأولى: يلزمه الجلوس. . اختلفوا ها هنا على وجهين:
أحدهما - وهو قول أبي إسحاق - أنه يلزمه أن يجلس، قال: ولست أقول: إن الجلسة الأولى قد بطلت، ولكن ليكون السجود عقيب الجلوس.
والثاني: لا يلزمه، وهو الصحيح؛ لأن المتروك هو السجود، فلا يلزمه إعادة ما قبله، كما لو ترك الجلسة. . فإنه لا تلزمه إعادة السجدة قبلها.
قال ابن الصباغ: ولأن أبا إسحاق قد سلَّم أنه إذا ترك أربع سجدات من أربع ركعات. . فإنه تحصل له ركعتان، ونحن نعلم أن السجدة التي في الثانية وقعت من قيام.
وإن سجد في الأولى سجدة، فظن أنها الثانية، وجلس عقيبها معتقدًا أنها جلسة الاستراحة، ثم قام إلى الثانية، وذكر ذلك في القيام، فمن قال: إن القيام يقوم مقام الجلسة بين السجدتين، ولا يوجب عليه الجلوس. . فها هنا قال: لا يلزمه الجلوس أيضًا.
ومن قال بقول أبي إسحاق: إنه يحتاج إلى الجلوس في التي قبلها؛ ليقع السجود عقيبه. . فإنه يقول ها هنا: يجب عليه الجلوس أيضًا.