وذهب آخرون إلى أنه يعيد كل صلاة صلاها، إلا المغرب، فإنه لا يعيدها؛ لئلا تصير شفعًا. ذهب إليه ابن مسعود، ومن الفقهاء: مالك، والأوزاعي، والثوري.
وقال أبو حنيفة: (لا يعيد إلا الظهر والعشاء) .
دليلنا: ما روى يزيد بن الأسود العامري: «أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صلَّى صلاة الصبح، فلما فرغ من صلاته.. رأى رجلين في آخر القوم لم يُصليا معه، فقال: "عليَّ بهما"، فأتي بهما ترعد فرائصهما، فقال: "ما منعكما أن تصليا معنا؟ "، فقالا: يا رسول الله، قد كنا صلينا في رحالنا، قال: فلا تفعلا، إذا صليتما في رحالكما ثم أتيتما مسجد جماعة.. فصليا معهم؛ فإنها لكما نافلة» . ولم يفرق بين الصلوات، ولا بين أن يصلي وحدهُ، أو في جماعة.
إذا ثبت هذا: فما ينوي الثانية؟ فيه وجهان، حكاهما المسعودي في " الإبانة " ق 79 :
أحدهما: ينويها فرضًا.
والثاني: أنه بالخيار بين أن ينويها فرضًا، وبين أن يطلق.
وبم يسقط عنه الفرض؟ فيه قولان:
الأول : قال في الجديد: (يسقط عنه الفرض بالأولى) . وبه قال أبو حنيفة.
و الثاني : قال في القديم: (يحتسب الله له بأيَّتهما شاء؛ لأنه إنما استحب له إعادة الفريضة؛ ليكملها بالجماعة) . فلو كانت الثانية نافلة.. لم يستحب له الجماعة.
وقال الشعبي، والأوزاعي: (الجميع فرضه) .