قال أصحابنا: هذا إذا كان عذرهم خفيا، فأما إذا كان جليًّا: لم يستحب لهم إخفاء الجماعة؛ لأن التهمة منتفية عنهم.
وأما من كان من أهل فرض الجمعة: إذا صلى الظهر قبل فوات الجمعة
... ففيه قولان: الأول : قال في القديم: (يصح ظهره، ويجب عليه السعي إلى الجمعة، فإذا صلى الجمعة
احتسب الله تعالى بأيتهما شاء، فإن فاتته الجمعة
... أجزأته الظهر التي صلاها) .
و الثاني : قال في الجديد: (لا يصح ظهره، وتلزمه الجمعة، فإن لم يصلها حتى فاتت
... وجب عليه إعادة الظهر) . وبه قال مالك، وأحمد، وإسحاق، وزفر.
وقال أبو حنيفة: (يصح ظهره قبل فوات الجمعة، ويلزمه السعي إلى الجمعة، فإذا سعى إليها
... بطل الظهر، وإن لم يسع
أجزأته الظهر) .
وقال أبو يوسف ومحمد: يصح الظهر، ويبطل بالإحرام بالجمعة.
وأصل القولين عندنا: ما المخاطب به يوم الجمعة؟ وفيه قولان.
الأول : قال في القديم: (المخاطب به هو الظهر، ولكن كلفوا إسقاطها بالجمعة) . ووجهه: أنه لا خلاف أن الجمعة إذا فاتت
... فإنه يقضي الظهر أربعًا، فثبت أنها هي الواجبة، إذ لو كانت الجمعة هي الواجبة
لوجب قضاؤها.
و الثاني : قال في الجديد: (إن المخاطب به هو الجمعة دون الظهر) . وهو الصحيح، ووجهه: قَوْله تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ} الجمعة: 9 الجمعة:9 ، فأوجب السعي إلى الجمعة، فعلم: أن المخاطب به هو الجمعة دون الظهر، ولما ذكرناه من حديث جابر؛ ولأنه مأمور بفعل الجمعة، معاقب على تركها، منهي عن فعل الظهر، فوجب أن يكون فرضه ما أمر بفعله، دون ما نهي عن فعله، كسائر الأوقات.