لم يذكروا سواه، فإذاً الوجه الثاني أصحُّ في المذهب. والشُّبْهة داخله في حكاية الإمام عن العِرَاقيين من وجهين:
أحدهما: أن الشيخ أبا حامد وَشِيْعته نصوا على أنه لا يعتبر غالب غنم البلد، وإنما يعتبر غنم البلد فحسب.
والثَّاني: أنه يشبه أنهم أرادوا بما ذكروا تَعْيِينَ ضَأْن البلد ومعزه، وذلك لا ينافي التَّخْيير بين الضَّأن والمَعِزِ يدل عليه أن صاحب "الشَّامل" خير بين الضَّأن والمَعِز، ومع ذلك قال: يخرج من غنم البلد وكذلك خير في "التَّتمة" بين النوعين، ثم حكى وجهين في أن الضَّأن المخرج أيضاً مثلاً هل يجب أن تكون مع نوع ضان البلد، أم لا؟ ومن قال: يتعيين غنم البلد قال: لو أخرج غيرها وهي خير من غنم البلد بالقيمة أجزأته، وكذلك لو كانت مثلها إنما الممتنع أن يخرجها وهي دونها.
الثانية: لو أخرج جذعاً من الضَّأن أو ثَنياً من المَعِزِ هل يجزئه؟ فيه وجهان:
أحدهما: لا، كالشَّاة المخرجة من الأربعين من الغنم، وكَأَسْنَان الإبل المؤدّاة في زكاتها وهذا لأن في الإِنَاثِ رفق الدّر والنَّسل فيبنى أمر الزَّكَاة على اشْتراط الأنوثة في المؤدي فيها:
وأظهرهما: وبه قال أبو إسحاق ونعم، لشمول الاسم كما في الأضحية.
ثم ذكر في "التتمة" طريقين:
أشهرهما: أن الوجهين مطردان فيما إذا كانت الإبل ذكوراً كلها وفيما إذا كانت إناثاً أو مختلطة، وهذا هو الموافق لإطلاق الكتاب والمذكور في "التهذيب".
والثاني: أنها إذا كانت إناثاً أو كان بعضها إناثاً لم يَجُزْ إخراج الذكر والوجهان مخصوصان بما إذا كانت ذكوراً كلها والوجهان مبنيان على أصل سنذكره، وهو أن الشَّاة المخرجة عن الإبل أصل بنفسها أم عن الإبل. إن قلنا: بدل جاز إخراج الذَّكر كما لو أخرج عنها بعيراً ذكراً يجزئه، وإن قلنا: أصل لم يجز جرياً على الأصل المعتبر في الزكوات وهو كون المخرج أنثى، وقوله في الكتاب: "فعلى هذين الوجهين" أشار به إلى تقارب مأخذ الخلاف في هذه المسألة والتي قبلها.
الثَّالثة: لو ملك خمساً من الإبل ولزمته شاة فأخرج بعيراً، فظاهر المذهب أنه يجزئه، وإن كانت قيمته أقلَّ من قيمة الشَّاة، خلافاً لمالك وأحمد حيث قالا: لا يجزئ إلا الشَّاة. لنا أن البعير يجزئ عن خمس وعشرين، والخمس داخلة فيها، فأولى أن يجزئ عنها منفردة، وفي المسألة وجهان آخران:
أحدهما: أن البعير إنَّما يجزئ إذا بلغت قيمته قيمة شَاة، أما إذا انقصت فلا لما