ولو وجبت عليه حِقَّة وليست عنده جاز أنْ يخرج بنت لَبُون مع ما ذكرنا، ولو وجبت عليه بنت لَبُون وليست عنده جاز أنْ يخرج بنت مخاض مع ما ذكرنا، وهذه صور النُّزول وجملة ذلك تفصيل قوله في الكتاب: "وجبرَان كلّ مرتبة في السِّن" إلى قوله: "أعطى"، وصفة شاة الجبران ما ذكرنا في الشَّاة المخرجة عما دون خمس وعشرين من الإبل، وفي اشتراط الأُنوثة إذا كان المعطي هو المالك الوجهان المذكوران في تلك الشَّاة، والدَّراهم التي يخرجها هي البقرة.
قال في "النَّهَاية": وكذلك دراهم الشَّرْعية حيث وردت، فإذا احتاج الإِمَام إلى إعطاء الجبْرَان، ولم يكن في بيت المال دَراهم باع شيئاً من مال المساكين، وصرفه إلى الجبران، وإلى من تكون الخيرة في تعيين الشَّاتِيَن أو الدَّرَاهم نص في "المختصر" على أن الخيرة إلى المعطى، سواء كان هو السّاعي أو المالك، وعن "الإملاء" قول آخر: أن الخيرة للسّاعي يأخذ الأَغْبَط منها للمساكين، وللأصحاب فيه طريقان مذكوران في "النهاية".
إحداهما: أن المسألة على قولين:
أصحهما: أن الخيرة للمعطي لقوله -صلى الله عليه وسلم-: "وَأْخْرَجَ مَعَهَا شَاتَيْنِ أَوْ عِشْرِينَ دِرْهمًا" (1). وهذا تخيير للمخرج فإذا كان السَّاعي هو المعطي راعى مصلحة المساكين.
والثاني: أن الخيار إلى السَّاعي كالخيار في المائتين بين الحِقَاق وبنات اللَّبون على الظاهر.
والطريقة الثانية وبه قال الأكثرون: أن الخيرة إلى المعطي بلا خلاف، وما ذكره في الكتاب يجوز أن يكون جواباً على هذه الطَّريقة، ويجوز أن يكون جواباً على الصَّحيح مع تسليم الخِلاف وهو الذي ذكره في "الوسيط"، وإذا فقد السِّن الواجبة وأمكلن الصعود والنزول فإلى من الخيار فيهما؟ فيه وجهان:
أحدهما: إلى السَّاعي كما في تخييره بين الحِقَاق وبين بنات اللبون في المائتين من الإبل.
وأصحهما: وهو المذكور في الكتاب إلى المالك، لأن الصّعود والنّزول شرعاً تخفيفاً عليه، فيفوض الأمر إلى خيرته، وموضع الوجهين ما إذا طلب المالك خلاف الأغْبَط للمساكين، فإذا كان الأغْبَط ما يطلبه فلا خلاف، وعلى السّاعي مساعدته وهذا عند الصّحة والسلامة. فأما إذا كان الواجب مريضاً أو معيباً لكون أبله مراضاً أو معيبة