المالك والغاصب جميعاً، فإن كانت مَعْلُوفة في يد أحدهما عاد النَّظر في أن علف الغاصب وإسامته هل يؤثران؟
والثاني: أن زكاة الأَحْوَال المَاضِية إنما تجب على أحد القولين إذا لم تنقص الماشية عن النِّصَاب بإخراج زكاة بعض الأحوال، أما إذا كانت نصاباً بلا مزيد ومضى عليه أحوال فالحكم على هذا القول كما لو كانت في يده، ومضت أحوال ولم يخرج الزكاة، وسنذكره إن شاء الله تعالى جده.
ولو كانت له أربعون من الغنم فضلت منها واحدة ثم وجدها إن قلنا: لا زكاة في الضَّالة استأنف الحول سواء وجدها قبل تمام الحول أو بعده، وإن قلنا: تجب الزَّكاة فيها، فإن وجدها قبل تمام الحَوْل بني، وإن وجدها بعده أخرج الزّكاة عن الأربعين، ولو دفن ماله في موضع ونسيه ثم تذكره فهذا ضرب من الضَّلاَل، وقد ذكرنا ما فيه من الخلاف ولا فرق بين أن يكون الدّفن في داره أو في غيرها، وقطع بعض المثبتين للقولين في سائر صور الضّلال بالوجوب هاهنا؛ لأنه غير معذور بالنّسيان، وعند أبي حنيفة -رحمه الله- أن دفنه في حِرْزه ففيه الزكاة، وإلاَّ فلا، ولو أسر المالك وحيل بينه وبين ماله، ففيه طريقان: منهم من طرد الخلاف، ومنهم من قطع بالوجوب وهو الأصح؛ لأن تصرُّفه نافذ فيه بالبيع وغيره بخلاف ما لو غصب ماله أو ضل.
واعلم أن الأئمة ذكروا أن مذهب مالك في الفصل بين الحول الأول وما بعده على ما سبق مبنى على أصل له، وهو أن الإمكان من شرائط وجوب الزكاة، ولا يبتدأ الحول الثاني إلا من يوم الإمكان ويوم الإمكان هاهنا هو يوم الوجدان، فمنه يفتتح الحول الثاني ولا يخرج لما مضى إلا زكاة حول، وهذا الذي ذكروه يقتضي أن يكون للشَّافعي -رضي الله عنه-مثل قول (1) مذهبه؛ لأن له قولاً كمذهبه في أن الإمْكان من شرانط الوجوب والله اعلم.
المسألة الثانية: لو اشترى من الأموال الزَّكاوية نصاباً ولم يقبضه حتى مضى حول في يَدِ البَائِعَ، هل تجب الزكاة على المشتري؟ فيه طرق:
أحدها: حكى في "النهاية" عن بعض المصنّفين عن القَفّال: أنها لا تجب قولاً واحداً بخلاف المغصوب؛ لأن ملك المشتري ضعيف فيه، ألا ترى أنه لا ينفذ تصرفه، فإن رضي البائع ولو تلف تلف على ملك البائع.
وثانيها: أنه على القولين في المَغْصُوب.