والجديد الصحيح: أنها تجب في الدَّيْن في الجملة، وتفصيله إنه إن كان يتعذر الاسْتِيفاء لكون من عليه معسراً أو لكونه جاحداً ولا بيّنة عليه أو ماطله فهو كالمغصوب، ففي وجوب الزكاة فيه القولان، ولا يجب الإخراج قبل حصوله قطعاً، وفرّق في "العدة" بين الجحود والاعسار فجعل وجوب الزَّكَاة في الصورتين على القولين وبين المُطْل فقطع بوجوب الزَّكَاة فيه، وكذا فيما إذا كان دينه على ملئ غائب، وإن لم يتعذَّر استيفاؤه بأن كان على ملئ مقر باذل فينظر: إن كان حالاً وجبت الزَّكَاة فيه، ويلزم إخراجها في الحال -خلافاً لأبي حنيفة وأحمد -رحمهما الله- حيث قالا: لا يؤمر لإخراجها إلا بعد القبض. لنا: أنه مال مقدور عليه فأشبه ما لو كان مودعاً عند إنْسان وإن كان مؤجلاً ففيه ثلاثة أوجه:
أحدها: أنها تجب فيه الزكاة قولاً واحداً كالمال الغائب الذي يسهل إحضاره.
والثاني: أنه لا زكاة فيه قولاً واحداً، ويحكى هذا عن ابْنِ أَبِي هُرَيْرَة؛ لأن من له دَيْن مؤجل لا يملك شيئاً قبل حُلُول الأجل.
والثالث وبه قال أبو إسحاق: أنه على القولين في المغصوب والمجحود؛ لأنه لا يتوصل إلى التّصرف فيه قبل الحُلُول، وهذا أظهر عند الأئمّة.
وإذا قلنا: تجب فيه الزكاة فهل يلزم إخراجها في الحال؟ فيه وجهان:
أحدهما: نعم كالغائب الذي يسهل إحضاره.
وأصحهما: لا، حتى يقبضه (1)؛ لأنه لو أخرج خمسة نقداً مثلاً وماله مؤجل كان بمثابة إخراج (2) ستة وهو إجحاف به، فإن الخمسة نقداً تساوي ستة نسيئة، ولا سبيل إلى القناعة بما دون الخمسة.
الخامسة: المال الغائب إذا لم يكن مقدوراً عليه لانقطاع الطريق أو انقطاع خبره فهو كالمغصوب والمجحود، وذكر في "التهذيب" وجهاً آخر: أنه لا يجب الزكاة فيه لا محالة، نعم لا يخرج في الحال حتى يصل إليه، وإن كان مقدوراً عليه معلوم السَّلاَمة وجب إخراج زكاته في الحَالِ، وينبغي أنْ يخرج في بلد المال، فإن أخرج في غير ذلك البلد ففيه خلاف نقل الصدقة، وهذا إذا كان المال مستقرّاً في بلد، فإن كان سائراً فقد قال في "العدة": لا يخرج زكاته حتى يصل إليه، فإذا وصل زكّاه لما مضى بلا