مالي الغائب أو الحاضر (1) أجزأته، وعليه خمسة أخرى ويخالف ما لو نوى الصلاة عن فرض الوقت إن دخل الوقت، وإلا فَعَنِ الفائتة لا يجزئه؛ لأن التعيين شرط في العبادات البدنية. وحكي في "النهاية" تردداً عن صاحب "التقريب" في وقوع المخرج عن الحاضر؛ لأن النَّيَّة مترددة بالإضافة إليه تردداً غير معتضد بالأصل فإنه إنَّما جعلها عن الحاضر بشرط تلف الغائب، والأصل في الغائب البقاء والاسْتمرار وكان الوُقُوع عن الغَائِبِ على خلاف الأصل، ويخالف ما لو قال: وإِلاَّ فهي نَافِلَة؛ لأنه يحتاط في الفَرْضِ بما لا يحتاط به للنَّفْل.
وقوله في الكتاب: "فإنْ كان تالفاً فعن الحاضر أو هو صدقة" ليس المراد أن الناوي ردد هكذا لكنهما صورتان عطف أحدهما على الأخرى والمعنى أو قال هو صدقة، ولو ردد قفال عن الحاضر أهو صدقة (2) وكان الغائب تالفاً لم يقع عن الحاضر كما قال الشَّافعي -رضي الله عنه-: لو قال إن كان مالي الغائب سالماً فهذه زكاته أو نافلة وكان ماله سالماً لم يجزئه؛ لأنه لم يقصد بالنية قصد فرض خالص، ونظيره أن يقول: أصلِّي فرض الظّهر أو نافلة وأصوم غداً عن رمضان أو نافلة فلا ينعقد.
وقوله: "جاز" معلَّم بالواو؛ لأنه حكم بالجواز في الصورتين معاً، وفيما إذا قال: "فإن كان تالفاً فمن الحاضر" الوجه النقول عن صاحب "التقريب".
وقوله: "لأنه مقتضى الإطلاق" يرجع إلى الصورة الأخيرة، وهي أن يقول: "فإن كان تالفاً فهو صدقة"، لأن المفهوم من الإطْلاَق هاهنا أنْ يَقْتَصِرَ على قوله: هذا المال عن الغَائب، ولو اقْتَصَرَ عليه وكان الغائب تالفاً يكون المخرج صدقة على ما سبق، ولا يقع عن الحاضر فظهر أنَّ الإجزاء عن الحاضر ليس مقتضى الإطلاق:
فإن قلت: في جواز نقل الصدقة خلاف يأتي في موضعه، فتجويز الإخراج عن المال الغائب في مسائل الفصل وجواب على قول الجواز أم كيف الحال؟ فالجواب أن أبا القاسم الكرخي جعلها جواباً على قول الجواز، ويجوز أن تفرض الغيبة عن منزلة وعدم وقوفة على بقاء المال وهلاكه، فيصح تصوير هذه المسائل من غير النظر إلى ذلك الخلاف، وقد أشار إلى هذا في "الشامل".
قال الغزالي: وَيَنْوي وَلِيُّ الصَّبِيِّ وَالمَجْنُونِ، وَهَلْ يَنْوي السُّلْطَانُ إِذَا أخَذَ الزَّكَاةَ مِنَ المُمْتَنِعِ؟ إِنْ قُلنَا: لا تَبْرَأُ ذِمَّةُ المُمْتَنِع فَلاَ، وَإِنْ قُلْنَا: تَبْرَأُ فَوَجْهَانِ.
قال الرافعي: كما أن صاحب المال قد يفرق الزّكاة بنفسه، فغيره قد ينوب عنه