فليست الرجلان مغسولتين عن جهة الوضوء، فهذه هي صورة الامتحان، وَيَنْبَغِي أن يعلم أن هذا لا يختص بغسل الرجلين بل لو غسل الجنب من بدنه ما سوى الرأس والرجلين، ثم أحدث كان الكلام في الرأس والرّجلين على ما ذكرنا في الرجلين، ولزم أن نقول على الوجه الصحيح هذا وضوء خالٍ عن مسح الرأس والرجلين، وعلى هذا القياس لو غسل جميع بدنه سوى اليدين والرأس والرجلين (1) فلهذا لا نتيح المحصل بأمثال هذه الامتحانات.
فائدة: عدوا غسل الرجلين أحد فروض الوضوء وأركانه لكن المتوضئ غير مكلف بغسل الرجلين بعينه، بل الذي يلزمه أحد أمرين إما غسل الرجلين أو المسح على الخفين بشرطه، فلو عبر معبر عن هذا الركن هكذا لكان مصيباً، والمراد عند الإطلاق ما إذا كان لا يمسح أو أن الأصل الغسل والمسح بدل.
قال الغزالي: الفَرْضُ السَّادِسُ: التَّرتِيبُ (ح م ز) إِلاَّ إِذَا اغْتَسَلَ سَقَطَ التَّرتِيبُ فِي أَظْهَرِ الوَجْهَيْنِ فَإنَّه يُكْفِي لِلجَنَابَةِ فَلِلأَصْغْرِ أَوْلَى، وَالنِّسْيَانُ لَيْسَ بِعُذْرٍ فِي تَرْكِ التَّرْتِيبِ (ح) عَلَى الجَدِيدِ، وَإِذَا خَرَجَ مِنْهُ بَلَلٌ وَاحْتَمَلَ الجَنَابَةَ وَالحَدَثَ فإن شَاءَ اغْتَسَلَ وَلَمْ يَغْسِلِ الثَّوْبَ وَإِنْ شَاءَ تَوَضَّأَ وَضُوءاً مُرَتَّباً وَغَسَلَ الثَّوْبَ.
قال الرافعي: روى أَنَّهُ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: "لاَ يَقْبَلُ اللهُ صَلاةَ امْرِئٍ حَتَّى يَضَعَ الطُّهُورَ مَوَاضِعَهُ" (2)، فَيَغْسِلَ وَجْهَهُ، ثُمَّ يُغْسِلَ يَدَيْهِ، ثُمَّ يَمْسَحُ بِرَأْسِهِ، ثم يغسل رجليه وهذا ونحوه ظاهر في اعتبار الترتيب، وخلاف أبي حنيفة، ومالك فيه مشهور وقد تكلم في هذا الركن في أمور:
أحدها: لو اغتسل المحدث بدلاً عن الوضوء هل يجزئه ذلك: نظر إن أتى بالغسل بحيث يتأتى فيه تقدير الترتيب في لحظات متعاقبة كما إذا انغمس في الماء ومكث فيه زماناً، ففيه وجهان:
أحدهما: لا يجزئه, لأن الترتيب من واجبات الوضوء، والواجب لا يسقط بفعل ما ليس بواجب، وأصحهما: يجزئه لمعنيين: