وقد حَكَيْنَا فيما تقدم عن بعض الأصحاب: أن السواك لا يعد من سنن الوضوء فلك أن تعلم قوله: "إن يستاك" بالواو، وإشارة إلى ذلك الوجه.
وقوله: "بقضبان الأشجار" ليس على سبيل الاشتراط، لكنها أولى من غيرها، والأولى منها الآراك، والأحب أن يكون يابساً، لين بالماء دون ما لم يلين، فإنه يقرح اللَّثَةَ، ودون الرطب فإنه لا ينقى اللُّزُوجة، وأصل السنة تَتَأَدَّى بكل خشن، يصلح لإزالة القِلْحِ، كالخِرْقَةِ الخشنة ونحوها، نعم لو كان جزءاً منه كَأُصبُعِهِ الخشنة، ففيه ثلاثة أوجه:
أظهرها: لا يجزئ؛ لأنه لا يسمى استياكاً.
والثاني: يجزئ لحصول مقصود الاستياك به.
والثالث: إن قدر على العود ونحوه فلا يجزئ، وإلا فيجزئ, لمكان العُذْرِ.
وأما قوله: "عرضاً" فقد ذكر إمام الحرمين: أنه يمد السواك على طول الأسنان وعرضها، فإن اقتصر على إحدى الجِهَتَيْنِ، فالعرض أولى؛ لما روى أنه -صلى الله عليه وسلم- قال: "اسْتَاكُوا عَرْضاً" (1) وهكذا أورده المصنف في الوسيط، وذكر آخرون منهم صاحب "التتمة": أن يستاك في عرض الأسنان لا في طولها. ورووا في الخبر: "أَنَّه قَالَ: "اسْتَاكوا عَرْضاً لاَ طُولاً" فعلى الأول قوله: "عرضاً" ليس لأنه متعين في إقامة هذه السنة، بل خصه بالذكر لأنه أولى، وعلى الثاني هو تعيين (2).
قال الغزالي: وَأَنْ يَقُولَ: بِسْم اللهِ فِي الابْتِدَاءِ، وَأَنْ يَغْسِلَ يَدَيْهِ ثَلاَثاً قَبْلَ إِدْخَالِهِمَا الإِنَاءَ.
قال الرافعي: ومن سنن الوضوء أن يقول في ابتدائه: بسم الله على سبيل التَّبَرُّكِ والتَّيَمُّن، وذهب أحمد إلى أن التسمية واجبة؛ لقوله -صلى الله عليه وسلم-: "لاَ وُضُوءَ لِمَنْ لَمْ يُسَمِّ اللهَ عَلَيْهِ" (3).