الاستعمال فمتى قصد مُحَرَّماً لغى ولم يؤثر في الإسقاط وإن اتخذ حُلِيّاً، ولم يقصد به استعمالاً مباحاً ولا محذوراً ولكن قصد جعله كنْزاً فالذي ذكره في الكتاب، وأورده الجمهور: أنه لا تسقط الزكاة قولاً واحداً؛ لأنه لم يَصِرْ مُحْتَاجاً إليه، ولا استعماله، بل المكنوز مستغنى عنه، كالدراهم المضروبة، وحكى الإمام فيه خلافاً لقصد الإمساك، وإبطال هيئة الإخراج. وهل يجوز اتخاذ حُلِيّ الذَّهَب للذكور من الأطفال؟ فيه وجهان: ويجئ فيه الوجه الثَّالِثُ الذي ذكرناه في إلباسهم الحرير (1).
قال الغزالي: وَلَوْ لَمْ يَخْطُرْ بِبَالِهِ قَصْدٌ أَصْلاً فَفِي السُّقُوطِ وَجْهَانِ: يُنْظَرُ فِي أَحَدِهِمَا إلَى حُصُول الصِّيَاغَةِ، وَفِي الثَّانِي: إلَى عَدَمِ قَصْدِ الاسْتِعْمَالِ، فَإِنْ قَصَدَ إجَارَتَهمَا فَفِيهِ وَجْهَانِ، وَالقَصْدُ الطَّارِئ بَعْدَ الصِّيَاغةِ فِي هَذِهِ الأُمُورِ كَالقَصْدِ المُقَارِنِ.
قال الرافعي: في الفصل ثلاث صور، تتفرع على أن الزَّكَاة لا تجب في الْحُلِي:
إحداهما: لو اتخذ حليّاً مباحاً في عينه ولم يقصد أن يكنزه ولا قصد به استعمالاً مباحاً، ولا محظور فهل تسقط عنه الزكاة؟ فيه وجهان:
أحداهما: لا؛ لأن وُجُوبَ الزَّكَاةِ مَنُوطٌ باسم الذَّهَبِ وَالفِضَّةِ، ولا ينصرف إلا بقصد الاستعمال، ولم يوجد.
والثاني: نعم؛ لأن الزَّكاة تجب في مَالٍ نَامٍ، والنقد غَيْرُ نَامٍ بنَفْسِهِ إنما يَلْتَحِقُ بالنَّامِيات؛ لكونه مُتَهَيِّئاً للإخراج، وبالصياغة بَطُلَ التَّهَيُّوء.
قال: في "العدة": وهذا الثَّانِي ظاهر المذهب.
وقوله في الكتاب: (ينظر في أحدهما إلى حصول الصياغة) يقتضي إثبات الخلاف فيما إذا قصد أن يكنزه، وإن لم يذكره؛ لأنه جعل عِلَّة السُّقُوطِ حصولُ الصِّيَاغة وهي موجودة في تلك الصورة، ويجوز أن يكون افتراق الصورتين في الأظهر باعتبار أن نية الكنز صارفة لهيأة الصياغة عن استعماله (2) ولم يوجد هاهنا نيةٌ صَارِفَةٌ، والظَّاهِرُ كَوْنُ الصِّيَاغَةِ للاسْتِعْمَال وإفْضَاؤُهَا إليه.
الثانية: لو اتَّخَذَ الحُلَيَّ ليؤاجره ممن له استعماله، ففيه وجهان:
أحدهما: لا تسقط عنه الزَّكاة؛ لأنه معد للنماء، فأشبه ما لو اشترى حُلِيًّا ليَتَّجِرَ فيه.
وأصحهما: أنه تسقط كما لو اتخذه ليعيره، ولا اعتبار بالأجرة كأجرة العوامل من