وضوء رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "أَنَّهُ يَتَمَضْمَضُ مَعَ الاِسْتِنْشَاقِ بِمَاءٍ وَاحِدٍ" (1)، ونقل مثله عن وصَفِ عبد الله بن زيد (2)، والرواية عنه وعن عثمان وعلي -رضي الله عنهم- في الباب مختلفة.
والطريق الثاني: أن الفصل أفضل بلا خلاف، وحيث ذكر الجمع أراد بيان الجَوَازِ. فإن قلنا: بالفصل ففي كيفيته وجهان:
أصحهما: "أَنَّهُ يَأخُذُ غَرْفَةً يَتَمَضْمَضُ مِنْهَا ثَلاَثًا وَغَرْفَةً أُخْرَى يَسْتَنْشِقُ مِنْهَا ثَلاَثاً, لأَن عَلِيّاً- رَضِي الله عَنْهُ- كَذَلِكَ رَواهُ" (3).
والثاني: أنه يأخذ ثلاث غَرَفَاتِ لِلْمَضْمَضَةِ، وثلاثاً للاستنشاق؛ لأنه أقرب إلى النظافة، وأيسر ثم على هذا القول يقدم المضمضة على الاستنشاق، وهذا التقديم مستحق على أظهر الوجهين؛ لأنهما عضوان فَيَتَعَيَّنُ الترتيب بينهما، كما في سائر الأعضاء.
والثاني: أنه مُسْتَحَبٌّ؛ لأنهما لتقاربهما بمنزلة العضو الواحد كاليمين مع اليسار.
وإن قلنا: بالجمع، ففي كيفيته وجهان أيضاً:
أظهرهما: أنه يأخذ غرفة يتمضمض منها، ثم يستنشق، ثم يأخذ غرفة أخرى يتمضمض منها، ثم يستنشق، ثم يأخذ ثالثة؛ فيفعل بها مثل ذلك، كذلك روى عن وصف عبد الله بن زيد (4).
والثاني: أنه يأخذ غَرْفَةً واحدة، يتمضمض منها ثلاثاً، ويستنشق ثلاثاً، روى ذلك في بعض الروايات أيضاً.
ثم على هذا الوجه، وهو اتِّحْادُ الغرفة هل يخلط المضمضة بالاستنشاق؟ أم يقدم المضمضة؟ فيه وجهان:
أحدهما: أنه يخلط، فيتمضمض ويستنشق مرة بما معه، ثم يفعل ذلك ثانية، وثالثة، لأن اتحاد الغرفة يدل على أنهما في حكم عضو واحد.
والثاني: يقدم المضمضة على الاستنشاق، فإن ذلك أقرب إلى النَّظَافَة (5). ولنبين