معقود له. والأصل في زكاة المعدن بعد الإجماع (1) قولُه تعَالَى: {أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ} (2) ومما أُخْرِج لنا من الأرض المَعَادِنَ.
وروي أن النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم-: "أَقْطَعَ بِلاَلَ بْنَ الْحَارِثَ الْمُزَنِي الْمَعَادِنَ القَبِلِيَّةَ وَأَخَذَ مِنْهَا الزَّكَاةُ" (3). وفقه الفصل الذي أخذنا في شرحه مسائل:
إحداها: لا زكاة في المُسْتَخرَج من المعادن إلا في الذَّهَبِ وَالْفِضَّة، خلافاً لأبي حنيفة -رحمه الله- حيث أوجب في كل جوهر ينطبع ويصير عَلى المطرقة كالحديد والنُّحَاس دون ما لا يَنْطَبع كالكحل والفيروزج والياقوت، ولأحمد حيث قال: "يجب في كُلِّ مستفَادٍ من المعدن منطبعاً كان أو غير منطبع"، وحكى الشَّيْخُ أَبُو عَلِيّ في "شرح التلخيص" وجهاً مثله عن بعض الأصحاب.
لنا مع أبي حنيفة: القياس على غير المنطبعات، ومع أحمد على الطِّين الأحمر، وأيضاً فقد روى أنه -صلى الله عليه وسلم- قال: "لاَ زَكَاةَ فِي حَجَرٍ" (4).
الثانية: في واجب النَّقْدَين المستخرجين من المعدن ثلاثة أقوال:
أصحها: أن الواجب فيها ربع العشر، وبه قال أحمد، لمُطْلَق قوله -صلى الله عليه وسلم-: "فِي الرِّقَّةِ رُبْعُ الْعُشْرِ" (5). وروى -صلى الله عليه وسلم- قال: "فِي الرِّكَازِ الْخُمُسُ وَفِي الْمَعْدِنِ الصَّدَقَةُ" (6).
والثاني: وبه قال أبو حنيفة ويحكى عن المزني أيضاً: أن الواجب الخمس؛ لما روى أنه -صلى الله عليه وسلم- قال: "وَفِي الرِّكَاز الْخُمُسُ، قِيلَ: يَا رَسُولَ اللهِ وَمَا الرِّكَازُ؟ قَالَ: هُوَ الذَّهَبُ وَالْفِضَّةُ المَخْلُوقَانِ فِي الأَرْضِ يَوْمَ خَلَقَ اللهُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ" (7).