الانْزِعَاجِ يَمْلِكُهُ وَلاَ زَكَاة عَلَيْهِ إلاَّ إِذَا قُلْنَا عَلَى وَجْهٍ بَعِيدٍ إِنَّ مَصْرِفَهُ الفَيْءُ عَلَى قَوْلِنَا وَاجِبُهُ الخُمْسُ، فَإذَا ذَاكَ يُؤْخَذُ مِنَ الذَّمِّيِّ.
قال الرافعي: الذمي لا يمكَّن من احتفار معادن دار الإسلام، والأخذ منها كما لا يمكَّن من الإحياء في دار الإسلام، لأن الدَّار للمُسْلمين وهو دَخِيلٌ فِيهَا. لكن ما أخذه قبل الإزْعَاج يَمْلِكُهُ، كما لو استولى على الحَطَب والْحَشِيش، وهل عليه حق المعدن؟ ينبني عَلى أن مَصْرف حَقّ المعدن مَاذَا؟ ولا شك أن مصرفه مَصْرف الزَّكَاة إن أوجبنا فيه رُبُعَ العُشْرِ، وإن أوجبنا فيه الخُمُسِ فطريقان حكاهما الشَّيْخُ أَبُو عَلِيّ وغيره:
أحدهما: أن في مَصْرفه قَوْلَيْن:
أحدهما: مصرفه مصرف خُمُسُ الفَيْءِ والغنيمة؛ لأنه مَالٌ مُخَمَّسْ مِثْلهما، وبهذا قَالَ أبو حنيفة.
وأصحهما: أن مصرفه مصرف الزَّكَوَاتِ؛ لأنه حَقٌّ وَجَبَ فِي مستفاد من الأرض، فأشبه حَقَّ الثِّمَارِ وَالزُّرُوعِ.
والثاني -وبه قال الأكثرون-: أن مصرفه مصرف الزَّكوات قولاً واحداً بخلاف الرِّكاز؛ لأنه مال جَاهِلِي، والظاهر: أنه كان للكفار، وكان شبيهًا بالفَيْءِ، والمعادنُ بخلافه. وصاحب "التلخيص" قد ذكر الطَّريق الأول في بَابِ "زَكاة المَعْدن" في "التلخيص"، والطريق الثاني في باب بعده.
فإن قلنا: مصرفه مصرف الزَّكَواتِ لم يؤخذ من الذِّمِّي شَيْءٌ، وإن قلنا: مصرفه (1) مصرف الفئ أخذ الخُمُس، وعلى هذا لا يشترط فيه النِّيَّة، وعلى الأول يُشْتَرط، ولو كان المستخرج من المعدن المكاتب فلا زَكَاة عَلَيْهِ فيما استخرجه كالذِّمِّي، لكنه غير ممنوع من الأخذ بِخلاف الذِّمِّي.
ولو نَالَ الْعَبْدُ من المعدن شيئاً فهو لسيده، وعليه واجبه، فإن أمره السّيد بذلك ليكون النَّيْل له، فقد بناه صاحب "الشامل" على القولين في أن العبد هل يملك مَا مَلَّكَهُ السَّيد أم لا؟ وحظ الزكاة من القولين، وقد قدَّمناه.
ولو استخرج اثنان من المعدن نصابًا، فوجوب الزكاة يبنى على القولين في أن الخُلطَة هل تَثْبُتُ فِي غَيْرِ المَوَاشِي؟
وقوله في الكتاب: (وللمسلم إزعاج الذمي) لك أن تبحث عنه، وتقول: أثبت