فَإِنَّ لَهَا بَدَلاَ. وتوجيه الآخر بأن تكليفه إزالة الملك عنه مع أنه محتاج إليه إضرار به، وهذا ما أورده في "التهذيب".
والثَّانِي: توجيه الإلْزَام بالقياس على سائر الأموال المَبيعة في الفِطْرة، وتوجيه الآخر بأن الفَاضِلَ ينبغي أَن يكون غير ما عنه يخرج، وهذا ما أَشار إِلَيْه الإمام، ويحسن أن يرتب فيقال: إن قلنا: الفطرة يجب أن تفضل عن عبد الخِدْمة فلا يباع شيء منه، وإن قلنا: لا يجب ذلك، فوجهان للمأخذ الثاني، وإن كان العبد مستغنى عنه جَرَى الخِلاَف بالنَّظر إلى المأخذ الثاني. وإذا وقع السُّؤالُ عن مطلق العبد حَصَل في الجواب ثلاثة أوجه، وهكذا أورد الإمام -رحمه الله-.
ثالثها: الفرق بين عبد الخِدْمة، والعبد المستغنى عنه وهو الأظهر.
وصوّر صاحب الكتاب المسألة في "الوسيط" فيما إذا كان العَبْد مُسْتغنى عنه، وربما أَوْهَم ذلك تقييد الخلاف به، ولا شَكَّ في أنه لا يتَقَيَّد، إِنَّمَا الكَلاَم في أنه هَلْ يُجْزِئ فيه؟ الرابع: لو فضل صَاعَان عَنْ قَدْرِ الحَاجَةِ، وفي نفقته جَمَاعة فَهَلْ يُقَدِّم نفسه بواحد أم يتخير؟ فيه وجهان لا يخفى خروجهما مما سبق، الأصح أنه يُقَدَّم نفسه، ثُمَّ فِي الصاَّعِ الثَّانِي، ينظر إن كان من في نفقته أقارب، فيقدم منهم من يُقدم في النفقة، والقول في مراتبهم خلافاً ووفاقاً موضعه "كِتَابُ النَّفَقَاتِ" فإن استووا فيتخير أم يُقَسِّط؟ فيه وجهان وتوجيههما مَا سَبَقَ، ويتأيد وجه التَّقْسِيط بِالنَّفَقَة، فَإِنَّهَا تُوَزَّع فِي مثل هَذِه الحَالَةِ، ولم يَتَعَرَضُوا لِلإقْرَاعِ هاهنا، وله مجال في نظائره (1).
وقوله في الكتاب: (ولو فضل صَاعٍ عن زكاته ونفقته) أي: ونفقة من في نَفَقته، وأراد ما إذا فَصل صَاعَانِ على مَا أَوْضَحْنَاه لكن فرع في التَّصْوِيرِ عَلَى الأَصَحِّ، وهو أنه يقدم نَفْسِهِ بِصَاعٍ، فإن اجتمعت الزوجة مع الأقارب ففيه ثلاثة أوجه:
أحدها: تقديم القَرِيب؛ لأن عُلْقَتَهُ لاَ تَنْقَطِعُ، وَعُلْقَه الزوجية يعرض لها الانقطاع، ويحكى هذا عن ابن أبي هريرة -رحمه الله-.
وأصَحُّهُمَا: تقديم الزَّوْجَةِ: لأن نفقتها آكد ألا ترى أنها لا تَسْقُطُ بِمضِيِّ الزَّمَانِ.
وثالثها: التخير، وعلى الأَصَحِّ فلو فضل صَاعُ ثَالِثٌ، فإخراجه عن أقاربه على مَا سَبَقَ فِيمَا إِذَا تَمَحَّضُوا، وظاهر المذهب من الخِلاَف الذي ذَكَرْنَاه، وبما أَخَّرْنَاه إلى النفقات أنه يقدم نفسه، ثم زوجته، ثم ولده الصَّغير، ثم الأب، ثم الأم، ثم ولده الكبير، -والله أعلم-.