قَالَ ثَوْبَانُ: صَدَقَ أَنَا صَبَبْتُ لَهُ الْوُضُوءَ" (1). واختلفوا في أنه لِمَ أفطر عِنْد التقيء عمْداً.
قال بعض الأصحاب: إنما أفطر؛ لأنه إذا تقيأ رجع شَيْءٌ مما خرج وإن قَلَّ، فذلك هو الذي أوجب الفطر، إلا لما أفطر؛ لما روي عن ابن عَبَّاسٍ -رضي الله عنهما-: "أَنَّ الفِطرَ مِمَّا دَخَلَ وَالْوُضُوءَ مِمَّا خَرَجَ" (2).
ومنهم من قَالَ إن عينه مفطر كالإنزال تحويلاً على ظاهر الخَبَرِ.
قال في "العدة": وهذا أصح، وعليه يتفرع، عد صاحب الكتاب الاسْتِقَاء مفطرة بِرأْسِهَا (3)، وإلا فَلَوْ كانت مفطرة من جهة تضمنها رجوع شيء، لكانت من قبيل دخول الدَّاخل؛ وعلى الوجهين يبنى ما إذا تقيأ مَنْكُوساً، أو تحفظ حتى استيقن أنه لم يرجع منه شيء إلى جَوْفِهِ هل يفطر؟
قال الإمام: ولو استقاء عمداً، أو تحفظ جُهْدَه فَغَلَبهُ القيء ورجع شيء، فإن قلنا: الاستقاءة مفطرة وإن لم يرجع منه شيء فهاهنا أولى، وإن قلنا لا يفطر إذا لم يرجع شَيْء، فهو كما في صُورَةِ المبالَغَةِ في المضمضة إذا سَبَقَ الماء إلى جَوْفِه.
ويجوز أن يعلم قوله: (والاستقاءة) بالحاء، لأن عنده الاستقاءة بإطلاقها لا تفطر بل يُشْتَرط أن يكون الخارج مِلْءِ الفَمِ.
قال الغزالي: وَدُخُولُ دَاخِلٍ، وَحَدُّ الدُّخُولِ أَنَّ كُلَّ عَيْنٍ وَصَلَ مِنَ الظَّاهِرِ إِلَى البَاطِنِ فِي مَنْفَذٍ مَفْتُوحٍ عَنْ قَصْدٍ مَعَ ذِكْرِ الصَّوْمِ فَهُوَ مُفَطِّرٌ، أَمَّا البَاطِنُ، فَهُوَ كُلُّ جَوْفٍ فِيهِ قُوَّةٌ مُحِيلَةٌ كَبَاطِنِ الدِّمَاغِ وَالبَطْنِ وَالأَمْعَاءِ وَالمَثَانَةِ فَيُفْطِرُ بِالْحُقْنَةِ وَالسَّعُوطِ، وَلاَ يُفْطِرُ بِالاكْتِحَالِ (م) وَالتَّقطِيرِ (م ح و) فِي الأُذُنَيْنِ، وَفِيمَا يَصِلُ إلَى الإِحْلِيلِ وَجْهَانِ، وَلاَ يُقْطِرُ بالفَصْدِ والحِجَامَةِ.
قال الرافعي: من أسباب الفطر دخول الشَّيءِ جَوْفَه، وقد ضَبَطُوا الدَّاخِلَ الذي