الْقُرْآنِ، وَالاعْتِكَافُ لاَ سِيَّمَا فِي العَشْرِ الأَخِيرِ لِطَلَبِ لَيْلَةِ القَدْرِ، وَكَفُّ اللِّسَانِ عَنِ الهَذَيَانِ، وَكَذَا كَفُّ النَّفْسِ عَنْ جَمِيعِ الشَّهَوَاتِ وَهُوَ سِرُّ الصَّوْمِ، وَتَرْكُ السِّوَاكِ بَعْدَ الزَّوَالِ، وَتَقْدِيمُ غُسْلِ الجَنَابَةِ علَى الصُّبْحِ.
قال الرافعي: من سنن الصَّوْمِ تَعْجِيلُ الفِطْر، قال -صلى الله عليه وسلم-: "لاَ يَزَالُ النَّاسُ بِخَيْرٍ مَا عَجَّلُوا الفِطْرَ" (1). وإنما يستحب التعجيل بعد تَيَقُّنِ غُروبِ الشَّمْسِ، والسنة أَن يفطر على تَمْرٍ، فإن لم يجد فَعَلَى "ماء"، روي أنه -صلى الله عليه وسلم- قال: "مَنْ وَجَدَ التَّمْرَ فَلْيُفْطِرْ عَلَيْهِ، وَمَنْ لَمْ يَجِدِ التَّمْرَ فَلْيُفْطِرْ عَلَى الْمَاءِ، فَإِنَّهُ طَهُورٌ" (2).
وذكر القاضي الرّوَيانِي أنه يفطر على التَّمْرِ، فإن لم يجد فَعَلَى حَلاَوةٍ أُخرَى، فإن لم يجد فَعَلَى المَاءِ، وعن القاضي حُسَيْن أن الأولى في زَمَاننا أن يفطر على "مَاءٍ" يأخذه بكَفِّهِ مِنَ النَّهْرِ ليكون أَبْعَدَ عَنِ الشُّبْهَةِ. وقوله في الكتاب: (على تمر أَوْ ماء) ليس لَلتخيير، بل الأمر فيه على الترتيب كما بيناه.
ومنها: التَّسحر فهو مَنْدُوبٌ إليه، قال -صلى الله عليه وسلم-: "تَسَحَّرُوا فَإِنَّ في السُّحُورِ بَرَكَةٌ" (3).
ويستحب تأخيره ما لم يقع في مَظنة الشَّك.
روي: "أَنَّهُ كَانَ بَيْنَ تَسَحُّرِ رَسُولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- مَعَ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- وَدُخُولِهِ فِي صَلاَةِ الصُّبْحِ قَدْرُ مَا يَقْرَأُ الرَّجُلُ خَمْسِينَ آيَةً" (4).
ومنها: تَرْكُ الوِصَالِ فهو مكروهٌ لِغَيْرِ النبي -صلى الله عليه وسلم- روي عن ابن عمر -رضي الله عنهما- أن النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم-: "نَهَى عَنِ الْوِصَالِ فَقِيلَ: يَا رَسُولَ اللهِ إِنَّكَ تُوَاصِلُ، فَقَالَ: إِنِّي لَسْتُ مِثْلَكُمْ، إِنِّي أُطْعَمُ وَأُسْقَى" (5).
قال المَسْعُودِيُّ: أَصَحُّ ما قيل في معناه أني أعطى قوة الطاعِمِ وَالشَّارِبِ.
والوِصَالُ أن يصوم يَوْمَيْنِ فَصَاعِداً، ولا يتناول باللَّيْلِ شَيْئاً، وكَرَاهِيَةُ الوِصَالِ كَرَاهِيَةُ تَحْرِيمٍ أو تنزيه؟ حكى عن صاحب "المهذب" وغيره فيه وجهين: