ومنها: أن لا يجلس تحت الأشجار المثمرة؛ صيانة لها عن التَّلْويثِ والتَّنْجِيس، وهذا في البول والغائط جميعاً، وإن كان نظم الكتاب يخص البول.
ومنها: أن لا يبول في مَهَابِّ الرياح؛ استنزاهًا من البول، وحذاراً من رَشَاشِهِ، قال -صلى الله عليه وسلم-: "اسْتَنْزِهُوا مِنَ الْبَوْلِ، فَإِنَّ عَامَّةَ عَذَاب الْقَبْرِ مِنْهُ" (1) وروى "أَنَّه -صلى الله عليه وسلم- كَانَ يَتَمَخَّرُ الرِّيحَ" (2)، أي: ينظر أي مجراها، فلا يستقبلها؛ لئلا يُرَدُّ عليه البول، لكن يَسْتَدْبِرُهَا.
قال الغزالي: وَيَعْتَمِدَ فِي الجُلُوس عَلَى الرِّجْلِ اليُسْرَى، وَيَعُدَّ النَّبْلَ وَلاَ يَسْتَنْجِيَ بِالمَاءِ فِي مَوْضِعِ قَضَاءِ الحَاجَةِ، وَلاَ يَسْتَصْحِبَ شَيئًا عَلَيْهِ اسْمُ اللهِ تَعَالَى وَرَسُولِهِ، ويُقَدِّمَ الرِّجْلَ اليُسْرَى في دُخُولِهِ الخَلاَءَ واليُمْنَى فِي الخُرُوج، وأنْ يَسْتَبْرئَ مِنَ البَوْلِ بِالتَّنَحْنُحِ وَالنَّتْرِ.
قال الرافعي: ومنها: أن يعتمد إذا جَلَسَ على الرجل اليسرى؛ لما روى عن سُرَاقَةَ بن مالك، قال: "عَلَّمَنَا رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- إِذَا أَتَيْنَا الخَلاَءَ أَنْ نَتَوَكَّأَ عَلَى الْيُسْرَى" (3).
ومنها: أن يعد النَّبَل إن كان يستنجي بالأحجار، ثم يشتغل بعد ذلك بقضاء الحاجة؛ لما روى: أنه -صلى الله عليه وسلم- قال: "اتَّقُوا الْمَلاَعِنَ، وَأَعِدُّوا النَّبلَ" (4).
والمعنى: فيه خوف الانتشار لو طالبها بعد قضاء الحاجة، والنَّبَلُ: أحجار الاستنجاء، جمع نَبَلَةٍ، وأصلها الحَصَاةُ الصغيرة.
ومنها: أن لا يستنجي بالماء في موضع قضاء الحاجة؛ بل ينتقل عنه، ثم يستنجي تحرُّزاً من عَودِ الرَّشَاشِ إليه (5) إذا أصاب الماء النجاسة، وأما إذا كان يستنجي بالحجر، فلا يقوم عن الموضع؛ كيلا تنتشر النَّجَاسة.