واحتمال إرادتهما جميعاً ويصح الإعلام بالواو أيضاً؛ لأن الصائر إلى النفي في إحدى الصورتين يخالف المثبت في الصورتين، والاحتمال الثاني أقرب إلى إطلاق اللفظ، والأول قضية إيراده في الوَسِيطِ.
الثاني: أنه لم قيد صورة الفرع بالخروج فقال: "إذا انْغَمَسَ الجُنُبُ في ماء قليل وخرج" اعلم أن ارتفاع الجنابة لا يحتاج إلى هذا القيد، بل سواء خرج أو لم يخرج ترتفع الجنابة. وأما صَيْرورَةُ الماء مستعملاً في كلام الأصحاب ما يقتضي توقف الحكم بالاستعمال على خروجه منه، وهو مشكل؛ لأن المقتضى للاستعمال أنه رفع الحدث فإذا ارتفع الحدث وجب أن يصير هو مستعملاً، سواء انْفَصَلَ عن البدن أم لا، هذا بالإضافة إليه، وأما بالإضافة إلى غيره ففيه ما حكينا من الوجهين.
وإذا عرفت ذلك فقد رتب على الانغماس والخروج شيئين: ارتفاع الجنابة، وَصَيْرُورَةُ الماء مستعملاً والأول مُسْتَغْنٍ عن شرط الخروج.
والثاني: بتقدير أن يكون محتاجاً إليه، ففي قوله: "بعد الخروج والانفصال" ما يفيد التعرض لهذا الشرط فإذًا قوله "وخرج" ضائع.
الثالث: لم جمع بين لفظي الخروج والانفصال، ظني أن هذا مما يجري به القَلَمُ لا عن قصد، أو مما يقصد به البَسْطُ في العبارة أيضاً، وعلى التقديرين فلا يطلب لكل لفظة فائدة تخصها وإن زعم (1) زعم أنه إذا لم يبق في الماء إلا عضو واحد من المنغمس يُسَمَّى خَارِجاً من الماء ولا يسمى منفصلاً، وحكم الاستعمال إنما يثبت بعد الانفصال.
قلت له: هَبْ أنه كذلك لكن هذا وجه الحاجة إلى تعقيب الخروج بالانفصال، فما الجواب عن قول القائل: لم جمع بينهما وَهَلاَّ اقتصر على الانفصال.
قال الغزالي: الْقِسْمُ الثَّاني: مَا تَغَيَّر عَنْ وَصْفِ خِلْقَتِهِ تَغَيُّراً يَسِيراً لاَ يُزَايِلُهُ اسْمُ المَاءِ المُطْلَقِ فَهُوَ طَهُورٌ كالمُتَغَيِّر (و) بِيَسِير الزَّعْفَرَان، وَكَذَا المُتَغَيِّرُ بِمَا يُجَاوِرُهُ (و) كالعُودِ وَالكَافِورِ الصُّلْبِ، وَكَذَا المُتَغَيِّرُ بِمَا لاَ يُمْكِنُ صَوْنُ المَاءِ عَنْهُ كَالمُتَغَيِّرِ بِالطِّينِ وَالطُّحْلُب (2) وَكالمُتَغَيِّرِ بِطُولِ المُكْثِ وَالتُّرَابِ وَالزِّرْنيخِ (3) وَالنُّورَةِ (4) فَإِنَّ كُلَّ ذَلِكَ لاَ