أَحَجَجْتَ عَنْ نَفْسِكَ؟ قَالَ: لاَ، قَالَ حُجَّ عَنْ نَفْسِكَ، ثُمَّ عَنْ شُبْرُمَةَ -وَفِي رِوَايَةٍ- هَذِهِ عَنْكَ ثُمَّ حُجَّ عَنْ شُبْرُمَةَ" (1).
دل الحديث على أنه لا بد من تقديم فرضِهِ نفسه على ما لو استؤجر له، وفهم منه أنه لا بُدَّ من تقديم فَرْض على ما يُتَطَوَّع به، والعمرة إذا أوجبناها كَالْحَجِّ في جميع ذلك. وقوله في الكتاب: (ثم بالقضاء ثم بالنذر) اعْلِمَ بالواو؛ لأن الإمام -رحمه الله- أشار إلى تردد في تقديم القَضَاء على النَّذْرِ، وتابعه المصنف في "الوسيط".
والصَّحيح: ما ذكره في، الكتاب.
إذا تقرر ذلك فلو أنه غَيَّرَ الترتيبَ المَذْكُورَ فقدم ما يجِبُ تأخيرُه لَغَتْ نَيَّتُه، ووقع على الترتيب المَذْكُور. ولو استأجر المعضوب من يحج عن نذره وعليه حَجَّة الإسلام فنوى الأجير النذر وقع عن حجَّة الإِسْلام.
ولو استأجر من لم يحج عن نفسه وهو الذي يسمى ضرورة ليحج عن المستأجر فنوى الحَجَّ عنه لغت إضافته ووقع عن الأجير.
وينبغي أن يُعَلَّم قوله في الكتاب: (وقع عنه دون المستأجر) بالألف، لأن عن أحمد -رحمه الله- رواية أنه لا يقع عنه ولا عن المستأجر، بل يلغى، ولو نذر ضرورة أن يَحُجّ في هذه السَّنة ففعل وقع عن حَجَّةِ الإِسْلاَم وخرج عن نذره، وليس في نذره إلا تعجيل ما كان له أن يؤخره.
ولو استأجره لِلضَّرورةِ لِلْحَجِّ في الذِّمة جَاز، والطريق أن يَحُجَّ عن نفسه ثُمَّ عن المستأجر في سُنَةٍ بَعْدَهَا، وإجارة العين تفسد لأَنَّه يتعين لها السَّنة الأولى، فإن إجازة السنة القابلة لاَ تَجُوز.
وإذا فسدت الإجازة نظر إن ظنه قد حَجَّ فبان ضرورة لم يستحق أجرة لتغريره، وإن علم أنه ضرورة وقال: يجوز في اعتقادي أن يحج الضرورة عن غيره فَحَجَّ الأجير يقع عن نفسه كما تقدَّم، ولكن في استحقاقه أجرة المثل قولان أو وجهان سيأتي