والثاني: أن الشَّيْخَ أَبَا مُحَمَّدٍ نازع فيما ذكره من موضع الثنية، وقال: ليست هي على طريق المدينة بل هي في جِهَة المعَلاَّ، وهو في أعلى مكة، والمرور فيه يفضي إلى باب بَني شَيْبَةَ، ورأس الردم، وطريق المدينة يفضي إلى باب إبْرَاهِيمَ عليه السلام.
ثم ذهب الشَّيْخُ إلى استحباب الدُّخولِ منها، لكُل جَاءٍ تأسياً برسول الله -صلى الله عليه وسلم- والإمام سَاعَد الجمهور في الحكم الذي ذكروه، وشهد للشيخ بأن الحق في موضع الثنية ما ذكره.
ومنها: إذا وقع بَصَرُهُ على البَيْتِ قال ما روى في الخبر: وهو أن النبي -صلى الله عليه وسلم- "كَانَ إِذَا رَأَى الْبَيْتَ رَفَعَ يَدَيْهِ، وَقَالَ اللَّهُمَّ زِدْ هذَا البَيْتَ تَشْرِيفاً، وَتَعْظِيماً وَتكْرِيماً وَمَهَابَةً وَزِدْ مَنْ شَرفَه، وعظمه ممَّنْ حَجَّهُ أو اعْتَمَرَهُ تَشْرِيفاً وَتَكْرِيماً وَتَعْظِيماً وَبِرّاً" (1).
ويستحب أن يضاف إليه "اللَّهُمَّ أَنْتَ السَّلاَمُ وَمِنْكَ السَّلاَم فَحَيِّنَا رَبَّنَا بِالسَّلاَمِ" يروى ذلك عن عمر -رضي الله عنه (2) -، ويؤثر أيضاً أن يقول: "اللَّهُمَّ إِنَّا كُنَّا نَحِلُّ عُقْدَةً، وَنَشُدُ أُخْرَى وَنَهْبِطُ وَادِياً وَنَعْلُو آخَرَ حَتَّى أتَيْنَاكَ غَيْرَ مَحْجُوبِ أنْتَ عَنَّا، إِلَيْكَ خَرَجْنا وَبَيْتَكَ حَجَجْنَا، فَارْحَمْ مَلْقَى رِجَالِنا بِفَنَاءِ بَيْتِكَ" (3).
ويدعو بما أحب من مهمات الدنيا والآخرة وأهمها سؤال المَغْفِرة، واعلم أن بناء البيت رفيع يرى قبل دخول المَسْجِدِ في موضع يقال له رأس الردم، إذا دخل الداخل من أعلى مكة، وحينئذٍ يقف ويدعو بما ذكرنا.
ومنها أن يقصد المَسْجِدَ إذا فرغ من الدعاء ويدخله من باب بَنِي شَيْبَةُ، وقد أطبقوا على استحبابه لكل قادم؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- (4) دَخَلَ الْمَسْجِدَ مِنْهُ قَصْداً لا اتِّفَاقاً، فَإِنَّهُ لَمْ يَكُنْ عَلَى طَرِيقهِ، وَإِنَّمَا كَانَ عَلَى طَرِيقِهِ بَابُ إِبْرَاهِيمَ عليه السلام" والدوران حول المسجد لا يشق بخلاف الدوران حول البلد، وكان المعنى فيه: أن ذلك البَاب في جهة بَابِ الكَعْبَةِ، والرُّكْن الأسْوَدِ وإن كان في زاوية المسجد، ويبتدئ عند دخوله بطواف القدوم. روي أن النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- "حَجَّ فَأوَّلُ شَيْءٍ بَدَأَ بِهِ حِينَ قَدِمَ أَنْ تَوَضَّأَ ثُمَّ طَافَ بِالْبَيْتِ" (5) أو يؤخر تغيير ثيابه واكتراء منزله إلى أن يفرغ منه، نعم لو كان الناس في